توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيولتنا المعيشية (٨)

  مصر اليوم -

سيولتنا المعيشية ٨

بقلم:أمينة خيري

هل تنتهى كل المشكلات حين يأكل ويشرب الناس؟، تحدثنا فى المقال السابق عن الإحساس المريح والمضلل بأن توجيه الوقت والجهد لتوفير الغذاء وتخفيف آثار الفقر الآنى يغنى عن أو يبرر التغاضى عن الجهل المعرفى والجمود الثقافى وتوغل رجال الدين فى الحياة، لا سيما أن المخدرات التى تذهب الوعى وتقتل التفكير أثبتت أنها من أبرز وأنجع الأدوات السياسية على مر التاريخ.

والغريب فى مصرنا الحبيبة أن تطالب الإدارة السياسية عشرات المرات بإعادة بناء الأدمغة والوعى والثقافة، بل وتمكن وتدعم جهات عدة للقيام بالمهمة، لكن المقاومة العنيفة تأتى من قبلنا. وحتى لا نظلم أنفسنا أكثر مما ينبغى، يمكن القول إنه ربما تكون بعض الجهات الرسمية أو غير الرسمية ضالعة فى تقوية شوكة هذه المقاومة. منها ما يروج بسبل غير مباشرة أن التطوير يعنى الكفر والإلحاد ونبذ الدين، ومنها ما يمعن فى المزيد من نشر الخرافة ونثر القصص الخيالية والمخدرات الفكرية، وجميعها يؤدى فى النهاية إلى نتائج متطابقة: غرس كراهية التطوير، تمجيد العقليات الجامدة الخانعة المستسلمة وشيطنة العقل النقدى والبحث العلمى وحرية الإبداع.

هذه القوى الداعمة للمقاومة الشعبية التى تلعب دورًا محوريًا فى الحيلولة بيننا وبين اللحاق بما فاتنا، وما سبقتنا إليه دول كنا حتى سنوات قليلة مضت مثلها الأعلى فى التنوير والتثقيف والتعليم والتحضر، تحرص كل الحرص على إبقائنا فى هذا السجن المقيت، والذى بتنا ندافع عنه ونعتبره حصن الأمان وبر الاطمئنان.

وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى التربية والتعليم، التربية سواء فى البيت أو المدرسة، والتعليم بأجنحته المختلفة، والذى لا بد أن يعود إلى المدرسة إن أردنا النجاة. ترميم التعليم يختلف عن إصلاح عقيدته وتطويرها وتطهيرها. والمعلم حين يتخلى عن دوره التربوى التنويرى المتفتح، ويعيد إنتاج العقليات الجامدة الكارهة للتفكير النقدى تحت أى مسمى، سواء ضيق ذات اليد الذى يدفعه ليكون «معلم السنتر» أو وقوعه هو شخصيًا تحت طائلة الاستعمار الفكرى الجامد المتحجر، يصبح خميرة لمزيد من التأخر والتعثر.

والأهل فى البيت لو كانوا من ضحايا هذا الاستعمار الفكرى الذى عشش فى قلوب وعقول الملايين، فإنهم حتمًا سيبذلون كل ما فى وسعهم لنقل هذا الفكر، باعتباره المكون المثالى للتربية والتنشئة إلى الصغار، وهلم جرا.

هذه الدائرة المغلقة يجب كسرها والخروج منها. وللعلم، فإن «التيجانى» ليس فردًا أو حالة خاصة. «التيجانى» فكرة. يعيش بيننا الآلاف منه، نقدس بعضهم، وندافع عن البعض الآخر دفاعًا أعمى دون أن نستثمر بقرشين تفكير، وبحث فيما أفتوا به وكيف ساهموا فى الإبقاء علينا فى بالوعة فكرية عميقة.

يبدو لى أن المخرج الوحيد يكمن فى الإصرار على توفير وترسيخ مناخ حرية رأى وتعبير وحوار وتفكير، مع تأسيس «خميرة» مثقفة ومتعلمة ومتنورة من قادة الفكر، على أن يقوموا بمهمة «تدريب المدربين». المجتمع القائم على التسلط وكراهية الفكر فيه سم قاتل، وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيولتنا المعيشية ٨ سيولتنا المعيشية ٨



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon