بقلم : أمينة خيري
كيف نقرأ مقالات الرأى؟ وكيف نتعامل مع محتوى ما يُكتب؟، هل نمجده ونفخمه ونطلق العنان لـ«اللايك» و«الشير» ونحدث عنه أصدقاءنا ونروج له لأنه يناسب توجهاتنا؟، أم نصب عليه الغضب، ونسب كاتبه، ونتهم ناشره بالمؤامرة وزعزعة الاستقرار؟، أم يمكن أن نستفيد بالتكتيك، ويكون بيننا من يكتب ويخاطب الإعلام هناك بلغته البحثية والمعلوماتية، لا بثقافتنا الصوتية والعاطفية؟.
نقد مقالات الرأى فى زمن ما بعد هبوب الرياح الربيعية الممطرة فى يناير 2011 بات يعتمد أولًا وأخيرًا على الانتماء والتوجه والهوى. هذه حقيقة، وتخضع لها مقالات الرأى، فى مؤسسات إعلامية غربية كنا نعتقدها حيادية وموضوعية ومهنية، فإذا بالكثير منها يكتفى بالنشر لمعارضى الحكم وحدهم دون غيرهم، ربما لأن غيرهم لا يبادر بمحاولة النشر.
وللأسف الشديد، فإن الانتماءات الوطنية المنزهة عن تأييد أعمى هنا، أو الانخراط فى خصومة سياسية انتقامية هناك، أو الغرق فى دوامات خلطة الدين بالسياسة الشيطانية هنا وهناك.
وحين يتحفنا الزمان بمقال رأى رعديد يكتب محتواه شخص صنديد ويروجه باعتباره التحليل كما ينبغى أن يكون، ويجد الأرض الممهدة ليكون مقاله نبراسًا للحقيقة ومركزًا للمعلومات فى أروقة عالمية لها وزنها ومؤسسات دولية لها سمعتها بينما نحن نقف مكتوفى اليدين عاقدى الحاجبين مكتفين بإطلاق العنان لألسنتنا لنشتم الكاتب ونسب المقال ونطعن فى مصداقية المؤسسة الإعلامية التى نشرته، فإننا حتمًا فى أزمة فكرية وضائقة إعلامية شديدة.
شدة الحفاوة الدولية وعمق الاحتفاء الداخلى من قبل فصيلين رئيسيين بمقال وزير الاستثمار فى عهد حكم الإخوان، والمتحدث الرسمى باسم الحملة الانتخابية لمحمد مرسى فى «فورين بوليسى» (إحدى أشهر وأهم الدوريات السياسية الأمريكية والتى تصدر ست مرات فى العام) تقول الكثير. مقال الرأى المنشور فى باب «المناقشة» أو «المجادلة» Argument فى فورين بوليسى تحت عنوان «الاقتصاد المصرى لا يزدهر. إنه ينهار» أسعد الإخوان ومن هم ليسوا إخوانًا لكن متعاطفين معهم ويحبونهم بالإضافة إلى المعارضين للحكم فى مصر، والذين تدفعهم الظروف ليجدوا أنفسهم واقفين على الجبهة ذاتها مع الإخوان. تعليمات «فورين بوليسى» لمن يود المشاركة فى باب «المناقشة» واضحة ومتاحة لمن يود الاطلاع. «نشجع الكتاب على اتخاذ موقف استفزازى فى نحو ألف كلمة. يحب أن يكون المقال ذا علاقة بالأحداث الراهنة، وأن يكون الكاتب قادرًا على تركيز وجهة نظره الأقوى فى جملة واحدة فقط».
والحق يقال،إن وزير الاستثمار الإخوانى كتب مقاله مطابقًا للمواصفات، فلماذا إذن لا ينشر؟!.
ماذا فعلنا نحن؟.. هجنا ومجنا، ودافعنا عن اقتصادنا.. أمام من؟.. أمام أنفسنا وبعلو الصوت. وبينما نحن نستكمل دفاعنا الزاعق، يجرى الاحتفاء بالمقال، ويتم تداوله فى مراكز الأبحاث والاحتفاء بهذا النجاح فى غرف التكتيك ودهاليز التخطيط.