توقيت القاهرة المحلي 09:13:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشغالات واشتغالات

  مصر اليوم -

إشغالات واشتغالات

بقلم : أمينة خيري

يرقص قلبى فرحًا كلما طالعت صور إزالة الإشغالات، لكن الفرحة لا تدوم والرقصة لا تكتمل، لأن ما أزيل اليوم يعود غدًا، وما يرفع ويصادر بعد غدٍ يعاود الكَرّة وهلمّ جرا. ويعيش المصريون هذه الجولات من الكر والفر، والإزالة والعودة، والإشغالات والاشتغالات منذ عشرات السنين.

صحيح أن السنوات القليلة الماضية شهدت تهاونًا فى إزالة الإشغالات ونشاطًا زائدًا فى ترسيخ الإشغالات وتوسيع رقعتها وتجذير ثقافتها، إلا أن هذا لا يمنع أن محاولات عديدة وجهودًا كثيرة تُبذل «بين الحين والآخر» للإزالة. مقهى مخالف استولى على الرصيف، ثم نزل بخطى حثيثة فاستعمر نهر الطريق، توك توك جرب حظه فى الخروج من الشوارع الجانبية التى يرتع فيها فظهر فى الشارع الجانبى، ومر ظهوره بسلام، فغزا الشارع الرئيسى ومنه إلى الميدان. سكان عمارة قرروا أن يخصصوا أماكن عدة لإيقاف سياراتهم، فحفروا لها المتاريس وأقاموا لها القراطيس. صاحب كشك رأى أن أصول العدالة الاجتماعية تحتم أن يتوسع، وتستوجب أن يتمركز فيتمدد بضعة أمتار يمين الكشك ومثلها يساره، ثم خلفه ومن ثم أمامه. تمر الأمور بسلام، فيقرر أن يأتى بكرسيين بلاستيكيين وشيشة. مجموعة من عفاريت الأسفلت تقرر أن الموقع الأمثل للراحة وبدء دورة تحميل الركاب هى الـ«يو تيرن» الموجود عند ميدان الساعة. يبدأ التمركز بسيارتين، ثم ثلاث، أربع، عشر، خمس عشرة، ويتحول شارع النزهة إلى عقدة مرورية.

ويبدو أن ثقافة الإشغال لم تعد تستوقف أحدًا أو تضايق أو تعكنن أو تمثل مشكلة لدى الغالبية. قبل يومين، قررت سيدة أنيقة تقود سيارة فارهة أن توقف السيارة بعرض الشارع أمام أحد النوادى الرياضية لحين خروج ابنتها من النادى. وبينما السيارات خلفها تصرخ، وحولها تسب وتشتم، جلست هى تتكتك على المحمول.

حِمل ضخم ينوء به المسؤولون فى مختلف الأماكن. فما أفسده التعليم الخرب، والتربية المتبخرة فى الهواء، ومنظومة الحلال والحرام التى حلت محل ما يصح وما لا يصح، والقانون الميت إكلينيكيًّا لن ينصلح بين ليلة وضحاها. لكن أخطر ما فى الموضوع هو اعتياد ثقافة الإشغالات التى تنتمى لعائلة القبح. والقبح لم يعد يزعجنا أو يهز فينا شعرة. بمعنى آخر عدم عودة الإشغالات بعد إزالتها لن يحدث إلا إذا كان الوعى العام والمزاج الشعبى والثقافة السائدة والتربية ترى فى الإشغالات والتعديات قبحًا لا تستقيم معه الحياة. وللعلم يشمل ذلك الشرط القائمين على أمر إزالة الإشغالات أنفسهم، أى أن الأفراد المنوط بهم الإزالة هم أنفسهم على الأرجح لا يرون فيها قبحًا أو عوارًا، لكنهم عبد المأمور. يصدر أمر بحملة لإزالة إشغالات المقاهى، فيتوجهون لإزالتها اليوم، وغدًا يمرون أمامها وربما يجلسون فيها. يصدر أمر بحملة لمصادرة التوك توك، فتتم المصادرة، لكن أمين الشرطة الذى صادره يستخدمه فى العودة إلى بيته.

الإشغالات والقبح ثقافة نمت وترعرعت فينا، ولأنها «ليست حرامًا شرعًا» فمفيش مشكلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشغالات واشتغالات إشغالات واشتغالات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon