بقلم : أمينة خيري
آلية الشكاوى فيما يختص بالخدمات العامة معروفة. المواطن المتضرر إما أن يتقدم بشكواه لفلان بك وثيق الصلة بالحكومة والذى يعرفه معرفة شخصية، فيحل له شكواه أو يحقق له مطلبه، أو يخاطب جهة ما فى الدولة تكون مهمتها التعامل مع الشكاوى والمطالب، فإما تدرسها وتحل ما يمكن حله أو تضعها فى درج الشكاوى، أو يتعايش المواطن مع شكواه تعايشًا سلميًا فيعيد ترتيب حياته بناء على الواقع المنقوص، أو يتضرع إلى السماء طالبًا حل شكواه أو تحقيق مطلبه.
وفى مصر، لدينا منظومات عدة للتعامل مع شكاوى الخدمات العامة، فهناك مكاتب لخدمة المواطنين فى الوزارات، وأعتقد أن جميعنا لديه ما لا يقل عن تجربتين أو ثلاث فى محاولة حل مشكلة أو تحقيق مطلب، ولا داعى للخوض فى تفاصيل بائسة يائسة نعرفها جميعًا.
وهناك بالطبع «حسين بك» و«أستاذ فتحى» و«مدام أسماء» معارفنا وحبايبنا من كبار الموظفين ممن نلجأ إليهم لحل عقدة هنا أو فك فيونكة هناك، ويا صابت يا خابت. وخيبات حل الشكاوى إحقاقًا للحق لا يتحمل تبعاتها فقط ميل فطرى لدى الموظف المصرى لتعطيل السلس وتعثير اليسير وكلكعة السهل، لكن بعضها يكمن فى قوانين ولوائح متحجرة متجمدة لا منطق فيها ولا طائل منها.
ولدينا منظومات حكومية حديثة تم إطلاقها حديثًا تشبه إلى حد كبير منظومة «أومبودزمان» المعمول بها فى دول عدة فى العالم، أو «أمين المظالم» حيث تمثيل مصالح الجمهور من خلال تلقى ومعالجة الشكاوى من الجمهور، لا سيما تلك الناجمة عن سوء الإدارة أو انتهاك الحقوق. وعدة يتم تعيين «أمين المظالم» من قبل الحكومة أو البرلمان، لكنه فى الوقت نفسه يحظى بقدر لا بأس به من الاستقلالية، وهذا مربط الفرس من جهة وسر المعضلة من جهة أخرى!
ففى بلدنا الحبيب تحقيق هذا التوازن الصعب بين التعيين الحكومى والاستقلالية أمر بالغ الصعوبة، ولا أتذكر أن له سوابق ناجحة! ومكاتب «خدمة المواطنين» فى العديد من الوزارات والهيئات الحكومية ميتة إكلينيكيًا! ولا يفوتنى أن أذكر فى هذا الصدد نموذجا متفردا للزميل القدير هانى يونس، المستشار الإعلامى لرئيس الوزراء، والذى يعد «أومبودزمان» يسير على قدمين. فهو بالإضافة لعمله متحدثًا باسم مجلس الوزراء، ينثر أخبار الحكومة هنا وهناك، ما يضعه فى خانة تلقى آلاف الشكاوى والمطالب من المواطنين العاديين. وبعيدًا عن قدرة زميلنا المبدع فى حل ما يمكن حله، وإحالة ما يمكن إحالته إلى الجهات المختصة، وإخبار ما يمكن إخباره من معلومات، فإن المصريين يحتاجون ثلاث نقاط: الأولى منظومة «أومبودزمان» لتلقى واستجابة للشكاوى، والثانية توعية بنوعية الشكاوى التى يمكن حلها والمطالب التى يمكن تنفيذها، والثالثة وسيلة لتقييم أداء الأومبودزمان للتقويم. البوابة الإلكترونية لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة نقطة بداية ممتازة، ولم يبق سوى الاطلاع على التجربة وتقييمها، ففى هذا درء للغضب واتقاء للاحتقان ورد للمظالم.