بقلم : أمينة خيري
نرجو من مشايخنا الكرام وعلماء ديننا الأجلاء أن يحدثونا عن قواعد النظافة والإنسانية واحترام الغير.
ونكون شاكرين مهللين لو تكرمت برامج الفتاوى والأسئلة الدينية والفقرات الشبيهة الموجودة فى الغالبية المطلقة من برامج التوك شو والتى تتلقى أسئلة المشاهدين والمتابعين من الحريصين والحريصات على الدين ومظاهر التدين بطرح مسألة أصول التضحية وآدابها، وجواز ترك الخراف والماعز والأبقار والجاموس والجمال فى الشوارع الرئيسية والخلفية أيامًا طويلة تأكل وتشرب وتتبرز وتتبول فى نفس المربعات السكنية والتجارية التى نعيش فيها ونمر بها. وإذا كان مربى الكلب يُعاتَب على إهماله بترك فضلات كلبه فى الشارع دون أن يرفعها وينظف مكانها، فما بالك بآلاف الحيوانات التى عاشت بيننا قبل ذبحها وكان لزاماً علينا أن نشم روائحها المتسللة إلى داخل غرف نومنا ومعيشتنا؟! وبالطبع الشكوى فى هذا الصدد تعنى أنك إما تناهض ركنًا من أركان الدين وتعادى معنى من معانى الإسلام وتتربص بالإسلام والمسلمين، أو أنك لا تريد أن يفرح الناس ويأكل الفقراء ويسعد الأيتام والمساكين وأبناء السبيل!
وتتفاقم المسألة بلحظة الذبح التى تدور رحاها على الملأ وفى وسط المارة فتسيل الدماء فى عرض الشوارع وفى مداخل العمارات وعلى أعتاب المحال فيما يراه البعض بركة تحل على المكان، أو مشهدًا جميلاً تنتعش له الألباب. واحترامًا للميول الفردية والاختيارات الشخصية، يكمن السؤال فى سر اعتبار سيادتك ذبح عجلك أو خروفك فى وسط الشارع واستدعائك لأطفالك ليشهدوا هذه اللحظة التى تسيل فيها الدماء مشهدًا يتوجب على معايشته رغمًا عن أنفى. هل هذا هو الإسلام؟
وهل الإسلام يترك لسيادتك حرية تلويث عرض الشارع ومدخل العمارة والرصيف بدماء الأضحية ثم رشها بقليل من الماء؟ وهل الإسلام يعطى سيادتك الحق فى اتهامى بالبعد عن الدين لأننى أرى فى ذلك خرقًا لأبجديات الصحة العامة وقواعد النظافة البديهية؟ الإسلام الذى هو دين الرحمة والإنسانية والمرأة التى دخلت النار فى قطة ربطتها، والرجل الموعود بالجنة فى كلب سقاه، هل ينص على قيام البعض من الموتورين بالذبح وترك الأضحية على قيد الحياة لمدد تزيد على عشر دقائق قبل أن تموت؟ ما سبق ليس انتقادا للدين لأن الدين لا يتعارض مع أبجديات الصحة وبديهيات الحقوق ومبدأ الحريات. لكنه انتقاد ومعارضة ورفض كامل للإصرار المميت على أن نحيط الدين بكم هائل من الغوغائية والهمجية وافتقاد ألف باء الصحة والنظافة، ثم ما نلبث أن نناطح من يعترض مستخدمين سيف الهمجية ذاته متهمين إياه بأنه عدو الله وكاره للدين. ملحوظة أخيرة: عرفت أن محافظ القاهرة، اللواء خالد عبدالعال، كان قد أصدر قرارًا بمنع شوادر الحيوانات فى الشوارع الرئيسية والسماح بوجودها فى الشوارع الداخلية، فهل هذا يعنى أن سكان الشوارع الداخلية لا حقوق صحية لهم؟ وعموماً الشوارع الرئيسية كانت عامرة بالشوادر.