توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ميلاد مجيد جدًا

  مصر اليوم -

ميلاد مجيد جدًا

بقلم : أمينة خيري

لو أمعن الحمقى النظر فى احتفالاتنا المسيحية بالأعياد لعرفوا أن الوطن أبقى ألف مرة مما خضعوا له من غسل أدمغة وطمس أذهان على مدار نصف قرن. ولو أمعن هؤلاء فيما يحدث حولهم فى منطقة قابعة على صفيح سياسى ونفطى وغازى واستعمارى ساخن، لعرفوا أن بنى وطنهم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم وجغرافيتهم أبقى مائة مرة من آخرين يكيلون لهم العداء والكراهية، ولو تمكنوا من رقابهم لأطبقوا عليها. إنها الطقوس نفسها. الكعك هو نفسه، واللحوم والفتة والموائد العامرة بأشهى الأكلات المصرية الأصيلة متطابقة. والتضرع إلى الله واحد، وشكره لا يختلف عليه اثنان. وما عدا ذلك من اختلاف، فهو لا يهدد إلا ضعاف النفوس وأولئك المتزعزع إيمانهم من الأصل. فمن يشعر أن من يختلف عنه فى محتوى عبادته يهدد دينه ويمثل خطراً على عقيدته لمجرد أنه مختلف، فهو حتماً يعانى ضعف الثقة فى إيمانه. ومن يشعر أن دينه لن يستوى، وإيمانه لن يكتمل إلا بالقضاء على المظاهر الإيمانية المختلفة عنه، وطمس معالم الاختلاف من أمام عينيه فهو أحمق وأرعن ويعانى عقد نقص حقيقية. ومن نقل هذا العوار وأذعن لهذه الخزعبلات دون أن يفكر مرتين فى جدوى ما يفعل أو فى قدرة الخالق عز وجل وإرادته لخلق الناس مختلفين شكلاً وموضوعاً، فعليه أن يراجع إيمانه بحثاً عن درجة أعمق من الإيمان، أو طبيبه النفسى أملاً فى علاج شاف مما يعانى.

مصر عانت الكثير على مدار نصف قرن مضى من التجهيل باسم الدين، والفتنة تحت راية نصرة المتدينين، والعنف والانغلاق والظلام على أنها أدوات المتدين لحماية دينه. وما جرى هو العكس تماماً! فقد تحول الكثيرون مظهرياً، وتدهورت النفوس والسلوكيات والمعاملات كلياً. ومن يدعى أن هذا لا علاقة له بذاك، نقول له بل إن بينهما كل العلاقة.

لقد تم تغييب قطاعات عريضة من المسلمين عن دنياهم عبر أسلحة التفسير المتشدد المحتكر لمنصة شرح القرآن الكريم بتوجهات دنيوية محددة سلفاً، تخدم مصالح سياسية وترسخ مفاهيم تبدو دينية لكن باطنها هيمنة وسيطرة من أجل تحريك الناس على خشبة مسرح الماريونت. وكان لهم ما أرادوا. وتكفى نظرة واحدة على مصر اليوم، ومصر قبل 50 و60 و70 عاماً مضت من حيث الأخلاق والسلوكيات والنظافة وقيمة العمل وتواؤم مكونات الشعب مع بعضها البعض، رغم أن المجتمع المصرى كان أكثر تنوعاً وأثرى اختلافاً. مصريون ومسيحيون ويهود، ويونانيون وإيطاليون وأتراك وغيرهم. هؤلاء اندمجوا فى نسيج واحد دون أن يفقد كل منهم هويته، ودون أن يتعرض أحدهم لتهديد «الأغلبية». لماذا؟ لأن الأغلبية وقتها كانت أعمق إيماناً وأكثر ثقة فى نفسها، لذا لم تشعر بالتهديد من الاختلاف.

واليوم، وفى محبة الاختلاف الجميل الذى يزيدنا ثراء وجمالاً، كل عام ونحن بخير وتنوير وأكثر قدرة على إزالة «الجلخ» الرابض على العقول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميلاد مجيد جدًا ميلاد مجيد جدًا



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon