توقيت القاهرة المحلي 14:49:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وها قد بلغنا رمضان

  مصر اليوم -

وها قد بلغنا رمضان

بقلم - أمينة خيري

طوفان من الأدعية والأمنيات الجميلة غمرت صناديق التواصل الاجتماعى وفاضت بأمنيات المشتاقين ورغبات المهمومين فى شأن الشهر العظيم، وما يمكن أن يحمله من معجزات انقضاء المشكلات وتبخر الهموم وتشرذم الغيوم. «اللهم بلغنا رمضان»، «اللهم تقبل منا الصيام»، «اللهم بحق هذا الشهر عليك بمن ظلمنى اللهم اسقم جسده وأنقص أجله وخيب أمله»، «اللهم أعنا على صيام وقيام شهر رمضان»، «اللهم بارك لنا فى صيام شهر رمضان»، «كل رمضان ونحن إلى الله أقرب»، «اللهم بحق هذا الشهر الكريم حسنات تتكاثر وذنوب تتناثر»، «اللهم أعنى على قيام الليل»، «اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وركوعنا وسجودنا». مئات وربما آلاف من التضرع إلى الله سبحانه وتعالى ليرى صومنا هذا وصلاتنا تلك ويجازينا عنه، إما خيراً أو تذليل صعوبات أو تحقيق أمنيات، تقرأ الأدعية المرسلة لك ضمن زمرة من مئات الأصدقاء ومن قبلهم الآلاف ومن بعدهم الملايين ولا يسعك إلا أن تقول «آمين» (ربما باستثناء نوعية من الدعاء تتضرع إلى رب الرحمة والمغفرة والعدل أن يحرق فلان أو ينتف شعر علان أو يشتت شمل فلان وما أكثرها)، لكن اللافت بحق هو أن أياً من هذه الأدعية لا يشمل مثلاً تمنى أن يكون العبد أكثر إخلاصاً فى عمله مثلاً، أو تفوقاً فى مجاله، أو رحمة بأقرانه من العباد، أو التزاماً بالقوانين والأخلاقيات، ورغم توافر عنصر الدعاء للبلد بأن يكون أكثر أمناً وسلاماً، إلا أن أحداً لا يتوجه إلى السماء بالدعاء أن يكون البلد أكثر تقدماً فى مجال البحث العلمى مثلاً، أو أكثر تميزاً على صعيد الإبداع والابتكار، أو أعلى مكانة على مؤشر الشفافية أو السعادة، أو أعمق أثراً فى شأن الفنون، بل أكاد أجزم أن الدعاء لا يعرف طريقاً إلى مجالات مثل فوضى الشارع، وتدنى السلوك، وتبخر الأخلاق، وتوغل البلادة، وتمكن اللامبالاة، وانتهاك خصوصية الآخرين.

وقد ظهر أن هذا العام، مثله مثل بقية الأعوام، حيث تستهل الملايين الشهر الكريم بقوائم من الأسئلة «الدينية» العويصة والعميقة والعتيدة، حيث هل تقبيل الزوجة يبطل الصيام، وهل القطرة تعنى الإفطار، وهل يجوز التفكير فى العلاقة الحميمة أثناء وقت الصيام، وهل الغوص فى سير الناس على سبيل الحكى وليس النميمة حلال أم حرام، يغرق الجميع هذه الآونة فى الاستزادة من أرشيف مكاتب الإفتاء، وكنت أتمنى أن يرد سؤال عن حكم الدين فيمن نزل من بيته دون أن يستحم، وتوجه إلى عمله بعد ما تحرش بكل الكائنات الأنثوية فى الطريق، وجلس على مكتبه دون أن ينجز مصلحة واحدة توحد الله، فهل يجوز صيامه؟

جواز الصيام من عدمه أمر ليس بالصعوبة، وإن ظل الله تعالى وحده العالم بالنيات والحاكم بالقبول أو الرفض، لكن جواز مآذن المساجد المتلاصقة والمتاخمة لبعضها البعض وهى تبث صلاة التراويح وتنقل إلى سكان الكوكب الوجه الجميل الرصين لديننا الحنيف، حيث يتصارع المشايخ الذين يؤمون الصلاة على إعلاء كلمة الحق وترجيح كفة الصوت الأعلى باعتباره إلى الله أقرب، وتتداخل أصوات المآذن المتلاصقة وكأنها فى صراع من أجل دعوة غير المسلمين لاعتناق الإسلام، أصوات زاعقة، بعضها مبحوح لفرط الصراخ والبعض الآخر مبحوح بالفطرة تخصصت فى تشويه الدين فى الشهر الكريم، لا سيما فى المناطق البعيدة عن أعين وزارة الأوقاف. الوقفة الأخيرة التى أشير إليها فى هذا المقال الرمضانى هى تلك التى شدت انتباه البعض ممن لسعتهم ظاهرة الدعاة الجدد، الذين قاموا بدور كبير فى تديين هذا الشعب بهذا الشكل المظهرى الرهيب مع تحويل المحتوى إلى فراغ شبه كامل.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وها قد بلغنا رمضان وها قد بلغنا رمضان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon