بقلم:أمينة خيري
أحاول قدر الإمكان تأجيل الحديث عن الحكومة الجديدة، فهى مازالت فى أيامها الأولى، ومن السفه محاسبتها أو انتقاد أدائها أو الاعتراض على سياساتها، بينما وزراؤها – القدامى والجدد- يتحسسون طريقهم، لا سيما أن الحكومة السابقة لم تخرج منهَكة فقط، بل أنهكت كل من حولها. صحيح أن جانبا معتبرا من حالة الإنهاك العامة مرده أسباب وعوامل لم تكن على البال أو الخاطر، ولكن يفترض أن تكون الحكومات مسلحة بقدر أوفر من السبل والأدوات والمهارات لمواجهة المفاجآت بطريقة لا تؤدى إلى هذا القدر من القلق والإحباط والتوتر الذى ينضح به وجه المواطن، ربما أكثر من جيبه. ورغم ذلك، فقد عملت الحكومة السابقة فى ظل ظروف محلية وإقليمية وعالمية، أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها «كارثية». لذلك، أجدد التحية لها.
أما بعد، وفيما يختص بالحكومة الجديدة، أتمنى ألا تقع فى الحفر التى وقعت فيها السابقة. كما عليها أن تجتاز المطبات بهدوء ودون تسرع، تجنبا لإلحاق المزيد من الألم أو الضرر للمواطن المتألم من جهة، ومنعا لاتساع الفجوة بينهما أكثر من ذلك. الظروف والأوضاع والأحوال اليوم لم تتغير كثيرا عما كانت عليه قبل أسبوع.
وما يجرى حولنا من أهوال حرب ضروس فى غزة، وهزات ارتدادية تأبى أن تتوقف وتلقى بظلال وخيمة على حركة الملاحة فى البحر الأحمر، ومن ثم فى قناة السويس، أو مغبة حرب أهلية مزرية فى السودان وما تسببه من أضرار جمة لأشقائنا فى السودان، وكذلك تأثرنا بها سواء لتعثر حركة الصادرات إليه، إذ كان العديد من المصانع المصرية الصغيرة تصدر منتجاتها للسودان، بالإضافة إلى تأثر وارداتنا من اللحوم والمواشى وغيرها من الآثار السلبية. ولا ننسى أن حرب روسيا فى أوكرانيا أتمت عامها الثانى فى فبراير الماضى، ومازالت مستمرة، وهو ما يؤثر على وارداتنا من القمح، وكذلك كلفتها، والقائمة تطول. غاية القول إن مثل هذه الظروف لم تتغير. وهذا يعنى أن توقع تغيير جذرى أو قفزات إيجابية متواترة ليس واردا. بالطبع يحدونا الأمل فى الحكومة الجديدة، سواء عبر وزرائها الجدد الذين نتمنى أن يكون فى جعبتهم الأفضل والأنجع، أو الوزراء القدامى والمستمرين فيها، وعلى رأسهم المجاهد المناضل المثابر الصبور الدكتور مصطفى مدبولى.
.. ربما حان الوقت لتعديل دفة التعامل مع المواطن. المواطن بشر، والبشر يحلم ويأمل ويتمنى. أما الحكومة، فوضعها مختلف. لا نحرمها من الحلم والأمل، لكن المطلوب والمتوقع منها وضع خطط مدروسة بعمق وإحكام، وقابلة للتحقيق بناء على المعطيات، وتنفيذها على أرض الواقع، بهدف تحقيق ولو جانب من هذه الآمال والطموحات. أهمس فى أذن الحكومة وأقول: الأفضل ألا تقفى معنا على ضفة الأحلام والأمنيات، بل تكتفى بالعمل على ضفة الواقع برؤى حقيقة ومدروسة، مصحوبة بأدوات تواصل واتصال تليق بالشركاء.