بقلم : أمينة خيري
تتواتر الأفكار الإيجابية في مواسم البدايات. وبقدر ما يغرق البعض في اجترار الألم وتذكّر الأسى مما جرى في عام فائت، يعمد البعض إلى النظر إلى عام جديد بعين ملؤها الأمل لإحداث تغيير يصب في خانة التحسين والتطوير.
وبعيدًا عن الأحلام الشاطحة والطموحات الخارقة، وجدت في عدد من الأفكار نقاط انطلاق واقعية عساها تعدل جزءًا من الحال المائل.
حال مطار القاهرة الدولى المائل جدًا (وله مقال آخر) يحتاج الكثير من الأفكار البناءة «الشيك». وقد لفت الصديق المحترم المثقف أستاذ دراسات الهجرة في الجامعة الأمريكية في القاهرة ورئيس الجمعية المصرية لدراسات الهجرة، الدكتور أيمن زهرى، إلى الحاجة لمعرفة المنتجات التي تميز مصر. وعلى الرغم من أن المنتجات «المصرية» كثيرة، إلا أنها بالفعل تحتاج إلى تلميع وتسويق. سؤال الدكتور أيمن يفتح الباب أمام نوعية المحال الموجودة في المطارات. هل يعقل ألا توجد أكشاك أنيقة نظيفة تبيع الحلوى الشرقية مغلفة وبالكيلو، كما هو الحال في مطارات الإمارات والأردن ولبنان.. وأخرى تبيع الفضة المصرية الرائعة التي لا يوجد مثيل لها في العالم.. وثالثة تبيع العطارة المصرية.. ورابعة تبيع منتجات الفخار المصنوعة في صعيد مصر.. وخامسة تعرض الخيامية.. وسادسة للكليم.. وهلمّ جرا؟.. هل يُعقل أن تقتصر المنتجات المصرية المعروضة في المطار على عبوات تمر بدائية وبأسعار وصفتها سائحة يونانية مرة بـ«اللامعقولة»؟!.
ومن اللامعقول إلى المعقول، في محاولةٍ للإبقاء على الميول الإيجابية في البدايات الجديدة، ودعوة إلى المفهوم الذي ننظر به إلى السائح القادم إلى مصر. هذا المفهوم ينبغى أن يخرج من إطار التعامل معه باعتباره بضعة دولارات إضافية ستضاف إلى جيوبنا فقط، ودراسة احتياجاته ومتطلباته. وبالطبع، فقد بُحّت الأصوات من الاستغاثة من فوضى المرور الحاصدة للأرواح والمصابين.. ناهيك عن سمعة دولية متنامية باعتبارنا ضمن الأسوأ في الأمان على الطرق والأكثر فوضوية. كما بُحّت الأصوات المحذرة من السلوكيات المتدنية من قبل البعض ممن يعتبر السياح إما كفرة وجب احتقارهم، ونساءهم سبايا يمكن الإلحاح من أجل نكاحهن، أو البعض الآخر الذي يعتبر السائح فرصة ذهبية للنصب والاحتيال، وكذلك ملاحقته والتحرش به وبها ورشق النظرات في الأجساد مع التعليقات السخيفة السمجة. عمومًا، علينا البحث فيما تميل إليه الجنسيات القادمة إلينا من حيث الترفيه، والأطعمة، والمزارات، وعمل برامج موجهة لهم ليكونوا سفراء لنا لدى عودتهم إلى بلدانهم.
بلدان عدة في مشارق الأرض ومغاربها تطبق مفهوم الخدمة الاجتماعية لطلاب المرحلة الثانوية والجامعة وشباب الخريجين من الجنسين. ونحن في أمسّ الحاجة لذلك، حيث ميزة ضرب عصافير عدة بحجر واحد. فمن جهة، يتم زرع الانتماء في نفوس الصغار، ومن جهة أخرى نكون قد استثمرنا هذا الجيش الجرار في خدمة المجتمع تعليمًا ومحو أمية ونظافة وسلوكًا. وليكن عام 2020 عام البدايات الواقعية.