توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

داء الحماقة

  مصر اليوم -

داء الحماقة

بقلم : أمينة خيري

يقول المتنبى: «لكل داء دواء يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها». وهذا كلام صحيح. حتى «كورونا» اللعين يمضى العالم قدمًا للوصول إلى لقاح للوقاية منه وبروتوكول للعلاج، لكن تبقى الحماقة داء بلا دواء. فحين ينشغل الجميع مثلًا بـ«هل كورونا بلاء أم ابتلاء، وهل من مات بـ(كورونا) متوفى أم شهيد، وماذا لو لم يكن مسلمًا؟» فهذه حماقة. والحماقة أشكال وألوان.

مبدئيًا، يجب الإشارة إلى أن الحماقة، بحسب القاموس اللغوى، هى «قلة العقل والشطط فى التفكير». ويقال هو أحمق وهى حمقاء وهم حمقى. وللعلم والإحاطة، فالحماقة ليست سبة، بل وصف لحالة. وجميعنا معرض لداء الحماقة بين الوقت والآخر، لكن أن تكون الحماقة أسلوب حياة أو تفكيرًا أو نقاشًا، فهذه حماقة مزمنة مفجعة. ومن يتابع الشأن العام هذه الأيام يلاحظ أن مناقشاتنا اليومية العادية، والتى يدور الكثير منها حول مجريات العالم من حولنا ومصر التى نعيش فيها، يلاحظ سحابة ثقيلة تحوم فى الأفق. يجلس صديقان على القهوة، ويقول الأول إن ترامب سيترك أمريكا دولة مفتتة منقسمة على نفسها بتصرفاته الأخيرة، فيرد الآخر بأن بايدن سيعود إلى سياسات أوباما المؤيدة لجماعات الإسلام السياسى وأن نار ترامب ولا جنة بايدن، فيتطور النقاش إلى اتهامات بالأخونة وأخرى بالانبطاح وثالثة بالجهالة. يدون أحدهم على صفحته فى «فيسبوك» مهللًا ومشيدًا بالقطار الكهربائى السريع وما يمثله من نقلة حضارية واقتصادية، فتجد من يتهمه بالانبطاح والتطبيل ويخبره بأن ما كتبه يعنى أنه مغيب ومغفل، فيرد عليه الأول بأنه عدو الدولة وخائن ومتآمر، وهلم جرا.

يناقش أحدهم مسألة اللقاحات ويستعرض النتائج الأولية لفاعلية اللقاحات، فتجد من ينبرى من بين الصفوف هابدًا فيما لا يعلم، حيث اللقاح الصينى هو الأسوأ لمجرد أن مصر تعاقدت عليه، وأن الدول التى تحترم شعوبها وتخاف عليهم من الهواء الطاير تعاقدت على لقاح فايزر، فيخبرهما ثالث بأن حاخامًا فى إسرائيل تلقى لقاح فايزر بجرعتيه وأصيب بكورونا، فينقلب النقاش إلى هبد فيما يختص بـ«القدرة والخنازير»، ورَزعًا حول «اللهم عجّل بنهاية اليهود»، ويتبدد النقاش العلمى فى هواء العدم.. هواء العدم قادر على الانتشار السريع والتغلغل الأكيد. وكفى نظرة سريعة على منطق النقاش - سواء التلفزيونى أو الفردى أو العنكبوتى - لتتأكد من أن العدم فكرة والفكرة لا تموت، وأن الحماقة أسلوب حياة.

الغريب أن شعوب العالم شرقًا وغربًا ومع اختلاف مكاناتها وقدراتها تتناقش وتتبادل أطراف الحديث والآراء والمواقف، لكن هذا الكم المذهل من القدرة على اتباع عقيدة «لو أنت تشيد بإجراء أو سياسة حكومية فأنت حتمًا دولجى منبطح»، وفى الوقت نفسه «لو أنت تنتقد إجراء أو سياسة حكومية فأنت دون أدنى شك متآمر وخائن» مذهل ويستحق التأمل!. لقد مر عقد كامل على أحداث 2011، وعلينا أن ننبذ الحماقة ولو قليلًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داء الحماقة داء الحماقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon