توقيت القاهرة المحلي 16:26:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طبخة الملح المفقود

  مصر اليوم -

طبخة الملح المفقود

بقلم - أمينة خيري

 البعض يسميها «الوقوف على الواحدة». والبعض الآخر يعتبرها ملحوظات استفزازية، حيث ينبغى أن تكون الأولوية دائماً للجهود التى ينبغى أن تبذلها الدولة لإطعام ملايين الأفواه التى يتم ضخها كل عام وكرتونة رمضان وكعك العيد ولحمة العيد الكبير ورنجة شم النسيم وحلاوة مولد النبى. وفريق ثالث يعتبر الحديث عن الكيف وليس الكم مقتصراً على الأغنياء ودول العالم الأول.

والحقيقة أن الحديث عمن يصر على «إفساد الطبخة علشان شوية ملح» لا علاقة له بمستوى الفقر أو الغنى، لكنه يرتبط بمنظومة ثقافية وتربوية. طرق وكبارى رائعة لم يسبق أن شهدنا مثلها، أبهرتنا وأفادتنا، لكن لا بد أن تجد بقايا عمود إضاءة مكسور ملقى على جانب الطريق، وأسلاك كهرباء متدلية بإهمال ورعونة من صندوق الكهرباء الرئيسى، أو تجهيزات كاميرات المراقبة، أو تلالاً من الزلط والطوب دسها أحدهم بعيداً عن خط سير موكب الافتتاح أو حملات التفتيش.

افتتاح محل جديد أنفق صاحبه «شىء وشويّات» على الديكور وعناصر الإبهار لا بد أن يترك فى الخلفية طوباً أحمر مكسوراً أو مواسير سباكة متهشمة أو تلال «رتش» متلاصقة.

مصلحة حكومية خضعت للتجديد حيث الطابق الذى تعمل فيه مدام عفاف مزين بالكامل ويرحب بالزائرين ويعلن أن ما تم هو بفضل الله والأستاذ حسين المدير العام. أما الطابق العلوى، فعبارة عن مخزن أطلال للكراكيب التى تم رفعها من الطابق السفلى، وهلمّ جرّا.

وجرى العرف ألا يضايق هذا الـ Finishing الكريه العين أو يؤذى قبحه القلب أو يستنفر غباؤه العقل. اعتاد أغلبنا الأعمال نصف المكتملة والمهام «الكلّشنكان». أصبحت اللكلكة أسلوب حياة ندافع عنه ونورّثه لأبنائنا ونرفع رايته بكل فخر واعتزاز. «مش أحسن من مافيش؟!» «أصله سلوك مواطنين» «معلش مايجراش حاجة» وغيرها من رايات الدفاع المقيت تحلّق فى سماء التبرير السخيف.

سخافة التبرير لا ينافسها إلا هراء التعلق بقشاية «الغلابة». من قال إن ضيق ذات اليد مبرر لـ«اللكلكة» أو ذريعة للكلفتة، لا سيما أن إنجاز المهمة بنظافة ودون ترك ركام أو أطلال أو بقايا لن تضع كلفة إضافية على المهمة الرئيسية. وأضيف أن سمة إفساد المهام العظمى عبر الكلفتة والطلصأة ليست حكراً على من يتم تصنيفهم تحت بند «الغلابة» فقط، بل إن بين علية القوم والأثرياء كذلك من يلكلك ويطلصئ، فقد أصبحتا أسلوب حياة.

أسلوب حياتنا المغموس فى نكهة إيمانية عميقة يفترض ألا يستوى مع اللكلكة وإفساد الأعمال العظيمة دون سبب واضح اللهم إلا عدم الاكتراث. والمسألة لا تتعلق بإرث سياسى شعبى تلخصه مشاهد عاصرناها جميعاً فى كنس ومسح المدرسة التى سيزورها السيد المحافظ، أو الكوبرى الذى ستخترقه سيارة الوزير، أو الهيئة التى ستشهد اجتماع السادة المسئولين، والتى سرعان ما تعود إلى سابق وضعها المزرى عقب انتهاء الزيارة. لكنها تتعلق بقيمة أساسية من قيم الحياة.

فمن يصلى بضمير ودون لكلكة ويركز فى الكلمات التى يتفوه بها ويتمعن فى المعانى والغاية من الصلاة، سينجز عمله بضمير وسيركز فى تفاصيله، وسيتمعن فى جوانبه الجمالية والغاية منه ولن نجد أنفسنا محاطين بطبخات أفسدتها شوية ملح.

ملحوظة أخيرة: جانب لا يستهان به من انبهارنا بموكب المومياوات هو أنه خذل توقعاتنا، وخرج بصورة أقرب ما تكون إلى الكمال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طبخة الملح المفقود طبخة الملح المفقود



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon