بقلم : أمينة خيري
أغلب من يتابعون ما أكتب يلاحظون تركيزى الشديد على المسائل المتعلقة بالسلامة المرورية. هؤلاء ينقسمون قسمين: الأول يتعجب من هذا الاهتمام على أساس أن مصر فيها من المشكلات ما يستحق الاهتمام أكثر من السلامة على الطرق، والثانى ينصحنى بأننى أنفخ فى قربة مقطوعة. لكنى لا أتفق مع الطرفين. فالسلامة على الطرق تعانى وهناً شديداً. هذا الوهن لا يمكن تعليقه على الشماعتين الأزليتين: القضاء والقدر، وسلوك مواطنين. فالقضاء والقدر موجودان فى كل دول الكوكب، لذلك ليس من الحكمة أو المنطق القول بأن ترك تجمعات سكنية حديثة دون خدمات وقواعد مرورية، أو مناطق بأكملها دون رقابة صارمة ومن ثم وقوع حوادث قاتلة وخسائر رهيبة هى قضاء وقدر. أما سلوك المواطنين فلا يتم تقويمه بالمناشدات وحدها، بل بتطبيق صارم ومستمر للقانون.
أكرر «صارم» و«مستمر» حيث لا استثناءات أو مواسم فى التطبيق. ومناشدتى للوزير المحترم اللواء محمود توفيق تتلخص فى دعوته للقيام بجولة بنفسه شرط أن تكون غير معلنة على أن يراقب بعينيه ما يجرى فى شوارعنا من تعدٍّ صارخ للسرعات المقررة، وسير جائر على الطريق حيث الملتزم بحارته المرورية هو الأكثر عرضة للحوادث القاتلة بسبب السيارات المتناحرة من حوله، ناهيك عن السير العكسى نهاراً جهاراً. وإذا كان كثيرون استحلوا السير العكسى فى مدن جديدة مثل الشروق ومدينتى؛ حيث غياب كامل لأى إشارات أو خدمات مرورية، فإن طرقاً سريعة وبطيئة تشهد كوارث يومية. مثلاً الكيلومترات القليلة السابقة لنفق أحمد حمدى للقادم من القاهرة تشهد سيراً عكسياً فى عز النهار وعبوراً للطريق السريع بالعرض. طريق السويس الذى أصبح عالمياً بكل المقاييس- ورغم الإعلان عن وجود رادار على الطريق- لكنه تحول بعد التوسعة إلى حلبة سباق بسرعات جنونية لا علاقة لها بالسرعات المقررة. ولأن المساحة لا تكفى، سأكتفى بالإشارة إلى السيارات التى ينزع أصحابها لوحات الأرقام الخلفية أو يموهون أرقامها، وتلك التى تغطى الملصقات زجاجها الخلفى، و«التمناية» المرخصة ملاكى والتى تعمل بالأجرة فى مواقف بالغة العشوائية، والقائمة طويلة جداً معالى الوزير. نحتاج إلى رقابة، وضبط وربط مستمرين وليس لأكمنة ولجان تعمل يوم آه ويوم لأ. نحتاج لإجراءات مرورية تحمى أرواحنا وتسمو لجودة الطرق الجديدة. لا نحتاج إحصاءً عن عدد التكاتك التى تم توقيفها، أو الدراجات النارية التى تمت مصادرتها، نحتاج نظاماً مرورياً صارماً ومستمراً.