بقلم : آمينة خيري
نحن المواطنين نحتاج رسائل رسمية ذات نسيج واحد. نحتاج أن نسمع ونرى ونتابع شرحاً وتحليلاً وتعليلاً للوضع الوبائى الحالى. نحتاج أن يضع أولو الأمر خطة شاملة مدروسة، جانب منها إجرائى والآخر إعلامى، للأشهر القليلة المقبلة فى ظل التعايش مع كورونا. ونحن كمواطنين نتفهم تماماً أن معالم الفيروس وملامحه وما يمكن أن نتوقعه منه مازالت غير مكتملة، ما يعنى أننا نقدر ونعى تماماً أن وضع خطة مستقبلية محكمة غير قابلة للتغيير أمر شبه مستحيل. لكن الممكن هو إزالة اللغط وتقليص حجم التضاربات فى الرسائل. والحقيقة أن الرسائل المتناقضة المتضاربة التى تصلنا من الحكومة فيها سم شعبى قاتل.
لم نصل ذروة الوباء، نحن الآن فى ذروة الوباء، الإصابات تزيد، سنفتح ونتعايش، خليك فى البيت، عودة النشاط الرياضى، النظر فى فتح الشواطئ، لا توجد أماكن فى المستشفيات، عودة الطيران الداخلى، لا تنزل من بيتك إلا للضرورة، تقليص ساعات الحظر، حامل المرض بدون أعراض قنبلة موقوتة، عقد امتحانات الثانوية العامة دون تأجيل. ومرة أخرى، أغلب المواطنين على يقين الآن بأن «اللخبطة» الحادثة فيما يختص بالوباء، والأخبار المتضاربة حول العلاجات واللقاحات وتطورات الفيروس وغيرها ليست مصرية، بل عالمية.
كما أن الغالبية تعرف أيضاً أن العالم كله وليس مصر وحدها فى «وش المدفع»، فإما اتباع إجراءات الوقاية بحذافيرها، ومن ثم الإفلاس والانهيار الاقتصادى، أو دفع شبح الإفلاس، فى مقابل تعريض حياة وصحة عدد أكبر لخطورة الفيروس. إذن المطلوب هو قدر أكبر من التناغم فيما يتم تصديره إلينا من رسائل، مع الاستمرار على الدق على أوتار «المسؤولية المجتمعية»، وهى المفهوم الذى يعانى الكثير فى مصر منذ عقود طويلة. والمسؤولية المجتمعية فى زمن الفيروس لا تعنى فقط أن يحمى الشخص نفسه من خطر الإصابة، لكنها تعنى أن يمتنع بإرادته واختياره عن القيام بأعمال أو أنشطة يمكنه تجنبها وقاية لمن حوله.
وليس سراً أو تشويهاً لنا لو قلنا إن انعدام مفهوم المسؤولية المجتمعية فى مصر جعل من طرقاتنا الأخطر، حيث الغالبية تضرب عرض الحائط بقواعد القيادة، ومن شوارعنا الأقل نظافة ونظاماً، حيث إلقاء القمامة والاستيلاء على الأرصفة، ومن قوائم جرائمنا أعداداً مزرية من بيع أغذية فاسدة، ومن وسائل مواصلاتنا العامة الأكثر تخريباً وإفساداً لدواخلها، وغيرها الكثير من مظاهر انعدام مفهوم المسؤولية المجتمعية.
دلكن فى زمن الوباء، يجدر بنا أن نفكر جدياً فى إعادة زرع هذا المفهوم، الذى يؤدى غيابه إلى وقوع عواقب تتراوح بين الموت والمرض والخراب. لكن مع مسؤوليتنا كمواطنين تجاه بعضنا البعض، تأتى أيضاً مسؤولية الدولة فى إبلاغنا الرسائل بطريقة لا تضيف حملاً إضافياً إلى حمولنا، ولا تسهم فى قدر أكبر من اللخبطة، مع وعد منا بقدر أكبر من التفهم وتحمل مسؤولية أنفسنا ومن حولنا