توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غيبوبة نصف قرن

  مصر اليوم -

غيبوبة نصف قرن

بقلم : أمينة خيري

سقطت الملايين فى فخ الحلوى المكشوفة (الفتيات والنساء) والذباب الذى يلتصق بها (الشباب والرجال) فى حال تركها دون سلوفان. مئات التشبيهات المحقرة من ابن وبنت آدم وتحويل كليهما إلى حلويات وحشرات ومعيز وسيارات وموتوسيكلات، وجدت هوى فى قلوب كثيرين على مدار سنوات الغبرة التى بدأت فى أواخر السبعينات وقت اندلاع الهبة «الدينية». هذه الهبة يقولون عنها ظلمًا وجورًا وكذبًا وعدوانًا إنها نسخة منقحة من الدين، والدين منها برىء. والبراءة أبعد صفة عما يحدث فى كواليس من ساهموا فى إرباك مصر ثقافيًا واجتماعيًا. هؤلاء هم من بشروا بـ«الهبة» الجديدة وقدموها للمصريين باعتبارها الدين الحق. و«هؤلاء» قد يكونون أفرادًا أو مؤسسات أو كيانات لم تجد فينا الكثير من المقاومة. ليس هذا فقط، بل وجدت لدينا أذرعًا مفتوحة وعقولًا مسلوبة للدرجة التى جعلت الملايين من المصريين يسلمون أنفسهم وعقولهم دون توقف لمراجعة هنا أو تدبر هناك. لقد لعب «هؤلاء» على وتر الذنب الحساس، وأوجدوا المخرج السهل والمريح للملايين: إنه التدين المظهرى حيث القشرة غارقة فى الالتزام والمحتوى مسلوب الإرادة. وعلى مدار نصف قرن، أصبح المصرى يحتاج إلى «مانيوال» لدخول الحمام وركوب الأسانسير وإلقاء السلام والنزول من البيت والتعامل مع البنك والالتحاق بالمدرسة والخضوع للجراحة وركوب الطائرة. حتى علاج الأمراض أصبح يحتاج من يفتى فى شرعيته. وامتد «المانيوال» لينال من هيبة القانون ويعصف بدولة القانون عصفًا ظاهره تدين وباطنه عشوائية وبسط هيمنة الدولة الدينية على حساب الدولة المدنية.

والحقيقة أن قليلين جدًا هم من سلموا من هذه «الهبة» التى طالت الغالبية المطلقة بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة. واختلاف ردود الفعل فيما يختص بالحياة الشخصية للبعض من «الدعاة الجدد» الذين هبوا علينا ببدل أوروبية وكلمات أجنبية محشورة فى لقاءات وندوات وجمعيات يلتقى فيها «المتحابون فى الله» إنما يعكس ملامح صحوة قد تساعد فى إيقاظ الجسد الغارق فى غيبوبة منذ سنوات طويلة. «هؤلاء» الدعاة خلطوا «الهبة» الدينية بما يسمى «التنمية البشرية» وقدموها للملايين فى النوادى والمدارس والجامعات، بل على شاشات التليفزيون نهارًا جهارًا. ومنهم من قدم للمصريين كبسولة التدين الجديد بدغدغة مواطن ما يسمى «التدين الفطرى» لدى الشخصية المصرية لا سيما الريفية، وحولها إلى صلصال طيع فى يد المتحدث المفوه. ومنهم من لعب على أوتار «التدين الوسطى الجميل». البنت الجميلة قطعة حلوى، لو تركت مكشوفة دون ورقة التهمها الذباب والصراصير. أو هى سيارة يجب إحكام إغلاقها حتى لا يسرقها اللصوص، وغيرها الكثير من تشبيهات تحقير المرأة وتسفيه الرجل. واليوم يشهد المصريون الذين سلموا عقولهم لـ«هؤلاء» قيام «هؤلاء» بضرب عرض الحائط بالهراء الذى ملأوا به مصر. فهذا يتزوج حلوى مكشوفة، وذاك يتقرب من سيارة مفتوحة، والمكاشفة مستمرة. إنها حلقة جديدة من المواجهة بين الدعاة والرعية مع بشائر إفاقة من غيبوبة نصف قرن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غيبوبة نصف قرن غيبوبة نصف قرن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon