توقيت القاهرة المحلي 20:02:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غيبوبة نصف قرن

  مصر اليوم -

غيبوبة نصف قرن

بقلم : أمينة خيري

سقطت الملايين فى فخ الحلوى المكشوفة (الفتيات والنساء) والذباب الذى يلتصق بها (الشباب والرجال) فى حال تركها دون سلوفان. مئات التشبيهات المحقرة من ابن وبنت آدم وتحويل كليهما إلى حلويات وحشرات ومعيز وسيارات وموتوسيكلات، وجدت هوى فى قلوب كثيرين على مدار سنوات الغبرة التى بدأت فى أواخر السبعينات وقت اندلاع الهبة «الدينية». هذه الهبة يقولون عنها ظلمًا وجورًا وكذبًا وعدوانًا إنها نسخة منقحة من الدين، والدين منها برىء. والبراءة أبعد صفة عما يحدث فى كواليس من ساهموا فى إرباك مصر ثقافيًا واجتماعيًا. هؤلاء هم من بشروا بـ«الهبة» الجديدة وقدموها للمصريين باعتبارها الدين الحق. و«هؤلاء» قد يكونون أفرادًا أو مؤسسات أو كيانات لم تجد فينا الكثير من المقاومة. ليس هذا فقط، بل وجدت لدينا أذرعًا مفتوحة وعقولًا مسلوبة للدرجة التى جعلت الملايين من المصريين يسلمون أنفسهم وعقولهم دون توقف لمراجعة هنا أو تدبر هناك. لقد لعب «هؤلاء» على وتر الذنب الحساس، وأوجدوا المخرج السهل والمريح للملايين: إنه التدين المظهرى حيث القشرة غارقة فى الالتزام والمحتوى مسلوب الإرادة. وعلى مدار نصف قرن، أصبح المصرى يحتاج إلى «مانيوال» لدخول الحمام وركوب الأسانسير وإلقاء السلام والنزول من البيت والتعامل مع البنك والالتحاق بالمدرسة والخضوع للجراحة وركوب الطائرة. حتى علاج الأمراض أصبح يحتاج من يفتى فى شرعيته. وامتد «المانيوال» لينال من هيبة القانون ويعصف بدولة القانون عصفًا ظاهره تدين وباطنه عشوائية وبسط هيمنة الدولة الدينية على حساب الدولة المدنية.

والحقيقة أن قليلين جدًا هم من سلموا من هذه «الهبة» التى طالت الغالبية المطلقة بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة. واختلاف ردود الفعل فيما يختص بالحياة الشخصية للبعض من «الدعاة الجدد» الذين هبوا علينا ببدل أوروبية وكلمات أجنبية محشورة فى لقاءات وندوات وجمعيات يلتقى فيها «المتحابون فى الله» إنما يعكس ملامح صحوة قد تساعد فى إيقاظ الجسد الغارق فى غيبوبة منذ سنوات طويلة. «هؤلاء» الدعاة خلطوا «الهبة» الدينية بما يسمى «التنمية البشرية» وقدموها للملايين فى النوادى والمدارس والجامعات، بل على شاشات التليفزيون نهارًا جهارًا. ومنهم من قدم للمصريين كبسولة التدين الجديد بدغدغة مواطن ما يسمى «التدين الفطرى» لدى الشخصية المصرية لا سيما الريفية، وحولها إلى صلصال طيع فى يد المتحدث المفوه. ومنهم من لعب على أوتار «التدين الوسطى الجميل». البنت الجميلة قطعة حلوى، لو تركت مكشوفة دون ورقة التهمها الذباب والصراصير. أو هى سيارة يجب إحكام إغلاقها حتى لا يسرقها اللصوص، وغيرها الكثير من تشبيهات تحقير المرأة وتسفيه الرجل. واليوم يشهد المصريون الذين سلموا عقولهم لـ«هؤلاء» قيام «هؤلاء» بضرب عرض الحائط بالهراء الذى ملأوا به مصر. فهذا يتزوج حلوى مكشوفة، وذاك يتقرب من سيارة مفتوحة، والمكاشفة مستمرة. إنها حلقة جديدة من المواجهة بين الدعاة والرعية مع بشائر إفاقة من غيبوبة نصف قرن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غيبوبة نصف قرن غيبوبة نصف قرن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon