توقيت القاهرة المحلي 10:38:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محو الأمية الثقافية

  مصر اليوم -

محو الأمية الثقافية

بقلم : أمينة خيري

يوم 8 من الشهر الجارى كان اليوم الدولى لمحو الأمية. والأمية فى العام الـ20 من الألفية الثالثة تعنى أشياءً مختلفة فى كل دولة وفى كل ثقافة. هناك مَن يعتبر الأمية الرقمية هَمّه الشاغل. وهناك مَن يرى أن معركته جودة التعليم للجميع بعدما تم محو الأمية. وهناك مَن لا يزال غارقًا فى غياهب الأمية الأبجدية. وفى مصر، لنا خصوصية وتعددية فى هذا الشأن. بيننا مَن يعتبر انخفاض النسب الرسمية المعلنة عن الأمية معيار نجاح ومدعاة اطمئنان. وبيننا مَن ينظر بقلق إلى الفجوة الرقمية بين ملايين الأسر المصرية ويعتبرها على القدر نفسه من أهمية التعليم. وبيننا مَن يعتبر شهادة الابتدائية أو الإعدادية كافية لضمان انقشاع وصمة الأمية. وبيننا مَن بات ينظر إلى التعليم نظرة دونية مقارنة بالعمل. هذه الفئة الأخيرة المتنامية- ليس فقط فى بعض القرى، ولكن فى المدن التى نزحت إليها الملايين من القرى، ليس بحثًا عن فرصة تعليم أفضل، بل عن فرصة تشغيل أطفال أحسن- أصبحت تنظر باستعلاء وازدراء إلى التعليم. «هيعمل إيه التعليم فى سبع عيال وأمى وأبويا؟!» قالتها عاملة النظافة التى تأتى من الشرقية يوميًا ضمن جيش من الكنّاسين والكنّاسات فى إحدى المدن السكنية المتاخمة للقاهرة. تقول- وهى تحمل رضيعًا بيد وتكنس الشارع باليد الأخرى- إن التعليم لا يُجْدى، وإن «العيل فايدته إيه لو لم يساعد أهله؟!». هى أنجبت سبع أطفال، وترى أن إحدى مهام العيال الرئيسية هى إطلاقهم فى سوق العمل لدعم الأسرة. وتؤمن أن العيل يأتى مُحمَّلًا برزقه. وتعتنق فكر شيخ الزاوية، الذى زرع فى أدمغتها هى وأفراد أسرتها وقريتها أن تنظيم الأسرة رجس من عمل الشيطان.

ولا ترى فيما تفعله ظلمًا للصغار، فهذا ما وجدنا عليه آباءنا. أما الصغار فمنهم مَن يسهم فى بناء الوطن ودعم أسس التطوير والتحديث على توك توك فى القرية، ومنهم مَن يعمل فى توصيل الطلبات فى سوبرماركت، ومنهم مَن يعمل «مساعد سايس»، ومنهم مَن يتسول. هذه العاملة ليست حالة شاذة. لكنها حالة تمثل فئة ظهرت وتُرِكت تتمدد وتتوغل وتتغول حتى أصبحت تهدد أخضر الوطن ويابس الطبقة المتوسطة. وبالطبع فإن هذه الضحية- ضحية فكر متخلف شرير تُرِك يرتع لعقود- ترى أن الدولة مقصرة فى حقها لأن عليها أن تعطيها طعامًا أكثر وسكنًا أفضل وعلاجًا أوفر وفرصًا أكبر لها وللسبع عيال. مصيبتنا فى اليوم الدولى لمحو الأمية أكبر بكثير من إعادة ضخ منظومة «يا اللى اتحرمتم من التعليم الفرصة لسة قدامكم». مصيبتنا تتلخص فى استمرار ترك الأبواب مفتوحة أمام الأمية الثقافية، واستمرار الخوف من تغول «ثقافى» يرتدى عباءة وجلباب الدين واستمرار إطباقه على رقابنا جميعًا. فى اليوم الدولى لمحو الأمية نحلم بمحو الأمية الثقافية بتنظيف الآذان وتطهيرها والاستثمار فى العقول التى طال إغلاقها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محو الأمية الثقافية محو الأمية الثقافية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon