بقلم : أمينة خيري
لن نقول قواعد «الإتيكيت»، لأن الكلمة تثير غضب واستنفار البعض. كلمة «إتيكيت» لا تنم عن كفر وفسق أو تعكس الانعزال فى أبراج عاجية. وهى تعنى اتباع قواعد بديهية فى الأماكن العامة تعكس قدرًا من احترام النفس واحترام الآخرين. وهى لا تقتصر عند حدود الأكل بالشوكة والسكين أو المشى كعارضات الأزياء، لكنها تنطوى على بديهيات الذوق العام. بديهيات الذوق العام تشير إلى أن تناول مأكولات ذات رائحة نفاذة، حتى لو كانت شهية فى نظر البعض مثل الكشرى ورقائق الذرة المقرمشة المعطنة والكبدة والسجق واللب وغيرها، فى وسائل المواصلات العامة، أمر كريه، وليس حرية شخصية. والصوت المرتفع أثناء الحديث فى الهاتف المحمول فى الأماكن العامة ليس جدعنة أو حرية شخصية لكنه انعدام ذوق وقلة تهذيب. ومزاحمة آخرين لدى الدخول من باب أو بوابة لا تتسع إلا لشخص واحد هى قلة ذوق وسماجة وأبعد ما تكون عما يتصوره المزاحمون من أنهم بذلك يشهرون قوتهم ويعبرون عن سيطرتهم.
وتشغيل مصدر صوت فى الفضاء العام بحيث يصل الصوت إلى مَن حولك غصبًا وقهرًا قلة ذوق، سواء كان الصوت أغانى مهرجانات أو عبدالوهاب أو أم كلثوم أو حتى محتوى دينيًا. والاستثناء الوحيد هو المقاهى والمطاعم، وذلك دون أن يصل الصوت إلى الأحياء المجاورة. وبالمناسبة الاعتراض على مكبرات الصوت وأصوات القرآن أو الإنجيل أو التوراة أو غيرها المرتفعة ليس اعتراضًا على الدين ومعاداة للمتدينين، لكنه اعتراض على الغوغائية ومعاداة للعشوائية. والبصق على الأرض وما يصحبه من أصوات بغيضة هو تشبُّه بكائنات أخرى يفترض أنها فى مكانة أدنى من البشر.
والتدخين فى مكان عام هو تعمد إلحاق الضرر بالآخرين. وبهذه المناسبة، التاكسى مكان عام وليس جزءًا من بيت السائق أو بيت أبيه أو أمه. عدم رد السلام أو الاكتفاء بكلمة «أؤمر» أو الإيماء بالوجه. عدم رضا أحدهم عن وظيفته أو عمله، أو شعوره بالحنق على الآخرين، أو وجود مشاكل أسرية أو زوجية ليس مبررًا لقلة الذوق فى التعامل مع الآخرين، ولاسيما إن كانت طبيعة العمل خدمية. والحياة على الأثير لها قواعد ذوق كذلك، فمثلًا التعليق على رأى كتبه صديق على «فيسبوك» أو «تويتر» لا ينبغى أبدًا أن يكون محاولة تأديب أو أمرًا بالمعروف أو نهيًا عن المنكر.
مهمة التعليق النقاش وليس الوعظ والإرشاد والتأديب. وإرسال رسالة إلى صديق أو أحد المعارف على «واتس آب» أو «ماسنجر» أو غيرهما لا يعنى بالضرورة أن يقفز الصديق ليرد فى التو واللحظة، وكونه «أون لاين» لا يعنى أبدًا أن عليه أن يرد على سيادتك. وأكرر مجددًا، ضيق ذات اليد وهموم الدنيا لا تبرر قلة الذوق. كما أن الشعوب المتدينة بالفطرة يُتوقع منها أن تكون «ذوق» بالفطرة، فالدين ذوق.