بقلم : أمينة خيري
سواء قالت منظمة الصحة العالمية إن الكمامة واجبة أو اختيارية أو واقية أو أو نصف واقية أو ربع واقية، وسواء صدر قرار بوجوب ارتدائها أو ارتداها المواطنون بناء على قناعة شخصية، تبقى حقيقة واقعة ألا وهى أن منظومة الكمامة تبدأ بقرار ارتدائها لكنها لا تنتهى هناك. وفى حال قررت الحكومة الاستمرار فى فرضها، فعليها أن تحافظ على الاستدامة فى تطبيق القرار وليس كغيره من قرارات تسقط بالتقادم.
العين المجردة فى الشارع المصرى تشير إلى عدة ملاحظات. مبدئياً هناك فئة ارتدت وترتدى وستستمر فى ارتداء الكمامة بشكل صحيح سواء صدر قرار بوجوبها أو لم يصدر. هذه الفئة تطالع وتسأل أهل الاختصاص وتنفذ ما تراه منطقياً وعلمياً. وبالتالى، فهى فى الأغلب لا تحتاج رقابة أو تحرير مخالفات لأنها على قناعة بما تفعل، ولأنها فى الأصل من الفئة الصغيرة التى تربت على احترام القانون. وهناك فئة أخرى ترتدى الكمامة بينما تتجاذبها أفكار وآراء عدة. فمن جهة هى تريد أن تحافظ على نفسها من خطر العدوى، لكنها فى الوقت نفسه تؤمن أن الحذر لا يمنع القدر، ومن ثم فإن الكمامة تأخذ المكانة الثانية بعد الإيمان بالقضاء والقدر. وهى فى الوقت نفسه لا تريد أن تدفع مخالفة مالية لكنها ليست متأكدة إن كانت مسألة المخالفات سيجرى تطبيقها أم أن الغربال الجديد له شدة. هذه الفئة ترى كماماتها متأرجحة بين جيبها تارة وحقيبتها تارة أخرى وفى محيط رأسها تارات، ولكن ليس بالضرورة على الأنف والفم.
فئة ثالثة مازالت تسخر من الكمامة أو تعتبرها «بتاعة الناس التوتو» لكن إحنا جامدين قوى. هؤلاء يبذلون جهوداً عاتية فى إشهار موقفهم الرافض من الكمامة والمستهين بها ومن يرتدونها ومن يصرون على تطبيق ارتدائها. فئة رابعة غارقة تماماً فى قدرية الإصابة سواء من وجهة نظر ثقافية مصرية راضية بما يحدث، أو من منطلق تفسير دينى سطحى لـ«قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا». لكنهم فى الوقت نفسه يخشون المخالفات المالية، فتجد كماماتهم متدلية تحت أنوفهم أغلب الوقت.
وبعيداً عن أنماط أصحاب الكمامات، يبقى أمامنا فى الشارع هذا المشهد المتوقع حيث كمامات ملقاة على الأرض، وهو التصرف التلقائى الذى اعتاده كثيرون ممن يتخلصون من الزجاجات والأكياس والسجائر وغيرها بإلقائها على الأرض. هؤلاء يحتاجون تدخلاً جراحياً حيث تطبيق غرامات مالية آنية، وآخر باطنة حيث التوعية بما قد تحمله هذه الكمامات من كوارث صحية. وعلى القدر نفسه من الخطورة يقبع خطر الكمامة الدوارة، سواء تلك التى يتم تدويرها عبر استخدامها عشرات المرات، أو غيرها مما يتم تداوله من شخص لآخر، ومواجهتها يكمن مجدداً فى عقوبات آنية مع توعية مستمرة. قرار وجوب الكمامة لا يستوى دون مراقبة والتوعية بكيفية الارتداء والتخلص والتداول.