توقيت القاهرة المحلي 20:19:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب والفتنة

  مصر اليوم -

ترامب والفتنة

بقلم : أمينة خيري

قطعنا شوطًا كبيرًا جدًا منذ أطَلّت علينا منصات الإنترنت المختلفة بقدراتها ومواردها قبل نحو عقدين. وكعادتنا فى بلاد بعيدة عن مراكز الابتكار وغارقة فى الجلوس على الدكة للتنظير ثم التحذير، نعتبر كل عابر للحدود شرًا مطلقًا قبل أن نبدأ فى الإفتاء بالحرمانية أو التهديد لعاداتنا وتقاليدنا، ثم مطالبين للمبتكرين بأن يُفصِّلوا لنا منصات على مقاسنا، وبعدها نصرخ مُحرِّضين إياهم على منع ما يجرح مشاعرنا الرقيقة وما يُوقظنا من غفلتنا العميقة بحجة إهانة ثقافتنا وإلحاق الضرر النفسى بنفسياتنا السامية، نجد أنفسنا وقد انقلبت الآية وتحولت الرواية من «الإنترنت فيه سم قاتل لأبنائنا» و«السوشيال ميديا ستهدم منظومتنا الأخلاقية على رؤوسنا» إلى «الإنترنت ساحة للجهاد» و«السوشيال ميديا مجال خصب لنشر معتقداتنا وبث أفكارنا ليعم الخير أرجاء البرية».

والمتابع لمجريات المنصات الرقمية على مدار عقدين يلاحظ أنها تحولت من أداة يستخدمها الإنسان للمعرفة والتواصل إلى كيان قادر على تحويل الإنسان وتواصلاته إلى أدوات تحقق مصالح الشركات والكيانات. والأهم من ذلك هو أن هذه المنصات الرقمية انتقائية جدًا فى اختيار الصالح والطالح على أثيرها، وانتقائية جدًا جدًا فى اختيار الوقت الذى تتدخل فيه لحجب الطالح وترك الصالح.

والقرارات الأخيرة الصادرة من هذه الشركات بحجب وحظر حسابات الرئيس الأمريكى ترامب المنتهية ولايته ملونة بألوان السياسة وغارقة حتى أذنيها فى المصالح. وهذا ليس دفاعًا عن ترامب أو حبًا لتغريداته وتدويناته، لكنه دفاع عمّا تبقى منّا فى هذا الجزء من العالم من إنسانية ورغبة فى الخروج من بالوعة الخطاب المشوه الذى أغرقنا فى غياهب العصور الوسطى.

فإذا كانت تغريدات ترامب وتدويناته وفيديوهاته فيها ما يحض على العنف والفتنة وتخريب المجتمع وضرب وحدته وبث العنصرية ونشر الكراهية، فماذا عن طوفان المحتوى المرئى والمسموع والمكتوب الذى يحمل معاول هدم دموية فى متناول نقرة واحدة؟!، هذا الطوفان من «الخطب»، التى تبث سمومًا ذات قوة قتل ثلاثية: تخريب العقول، نشر الكراهية، وبث الفوقية المبنية على جهل مدقع؟!.

لم يعد الموضوع مقتصرًا على شرائط كاسيت تُباع على الأرصفة لمَن يؤكد بالصراخ والعويل أن الفن حرام وأن المرأة حرام وأن العيشة واللى عايشينها حرام. كما لم يعد مقتصرًا على «داعية» مودرن يجوب النوادى الرياضية مخبرًا الطبقات المخملية أن التحدث مع «النصارى» مكروه، أو «عالِم» ببدلة يفنى حياته وحياة المشاهدين فى تركيب كل بحث وابتكار علمى آتٍ من بلاد بعيدة على مقاس الدين وليس العكس معتبرًا ذلك بحثًا علميًا فريدًا، أو إمام مُفوَّه يخبرنا أن نقل الأعضاء حرام وتهنئة المسيحيين حرام وخروج المرأة حرام، أو غيرهم. المنصات الرقمية مُتْخَمة بمَن يبث كراهية وفتنة ورجعية وجهلًا وخرافات، لكنها مازالت مُصنَّفة من قِبَل لجان حكماء السوشيال ميديا على أنها «حرية تعبير وكده».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب والفتنة ترامب والفتنة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon