توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب والفتنة

  مصر اليوم -

ترامب والفتنة

بقلم : أمينة خيري

قطعنا شوطًا كبيرًا جدًا منذ أطَلّت علينا منصات الإنترنت المختلفة بقدراتها ومواردها قبل نحو عقدين. وكعادتنا فى بلاد بعيدة عن مراكز الابتكار وغارقة فى الجلوس على الدكة للتنظير ثم التحذير، نعتبر كل عابر للحدود شرًا مطلقًا قبل أن نبدأ فى الإفتاء بالحرمانية أو التهديد لعاداتنا وتقاليدنا، ثم مطالبين للمبتكرين بأن يُفصِّلوا لنا منصات على مقاسنا، وبعدها نصرخ مُحرِّضين إياهم على منع ما يجرح مشاعرنا الرقيقة وما يُوقظنا من غفلتنا العميقة بحجة إهانة ثقافتنا وإلحاق الضرر النفسى بنفسياتنا السامية، نجد أنفسنا وقد انقلبت الآية وتحولت الرواية من «الإنترنت فيه سم قاتل لأبنائنا» و«السوشيال ميديا ستهدم منظومتنا الأخلاقية على رؤوسنا» إلى «الإنترنت ساحة للجهاد» و«السوشيال ميديا مجال خصب لنشر معتقداتنا وبث أفكارنا ليعم الخير أرجاء البرية».

والمتابع لمجريات المنصات الرقمية على مدار عقدين يلاحظ أنها تحولت من أداة يستخدمها الإنسان للمعرفة والتواصل إلى كيان قادر على تحويل الإنسان وتواصلاته إلى أدوات تحقق مصالح الشركات والكيانات. والأهم من ذلك هو أن هذه المنصات الرقمية انتقائية جدًا فى اختيار الصالح والطالح على أثيرها، وانتقائية جدًا جدًا فى اختيار الوقت الذى تتدخل فيه لحجب الطالح وترك الصالح.

والقرارات الأخيرة الصادرة من هذه الشركات بحجب وحظر حسابات الرئيس الأمريكى ترامب المنتهية ولايته ملونة بألوان السياسة وغارقة حتى أذنيها فى المصالح. وهذا ليس دفاعًا عن ترامب أو حبًا لتغريداته وتدويناته، لكنه دفاع عمّا تبقى منّا فى هذا الجزء من العالم من إنسانية ورغبة فى الخروج من بالوعة الخطاب المشوه الذى أغرقنا فى غياهب العصور الوسطى.

فإذا كانت تغريدات ترامب وتدويناته وفيديوهاته فيها ما يحض على العنف والفتنة وتخريب المجتمع وضرب وحدته وبث العنصرية ونشر الكراهية، فماذا عن طوفان المحتوى المرئى والمسموع والمكتوب الذى يحمل معاول هدم دموية فى متناول نقرة واحدة؟!، هذا الطوفان من «الخطب»، التى تبث سمومًا ذات قوة قتل ثلاثية: تخريب العقول، نشر الكراهية، وبث الفوقية المبنية على جهل مدقع؟!.

لم يعد الموضوع مقتصرًا على شرائط كاسيت تُباع على الأرصفة لمَن يؤكد بالصراخ والعويل أن الفن حرام وأن المرأة حرام وأن العيشة واللى عايشينها حرام. كما لم يعد مقتصرًا على «داعية» مودرن يجوب النوادى الرياضية مخبرًا الطبقات المخملية أن التحدث مع «النصارى» مكروه، أو «عالِم» ببدلة يفنى حياته وحياة المشاهدين فى تركيب كل بحث وابتكار علمى آتٍ من بلاد بعيدة على مقاس الدين وليس العكس معتبرًا ذلك بحثًا علميًا فريدًا، أو إمام مُفوَّه يخبرنا أن نقل الأعضاء حرام وتهنئة المسيحيين حرام وخروج المرأة حرام، أو غيرهم. المنصات الرقمية مُتْخَمة بمَن يبث كراهية وفتنة ورجعية وجهلًا وخرافات، لكنها مازالت مُصنَّفة من قِبَل لجان حكماء السوشيال ميديا على أنها «حرية تعبير وكده».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب والفتنة ترامب والفتنة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon