توقيت القاهرة المحلي 16:26:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب والفتنة

  مصر اليوم -

ترامب والفتنة

بقلم : أمينة خيري

قطعنا شوطًا كبيرًا جدًا منذ أطَلّت علينا منصات الإنترنت المختلفة بقدراتها ومواردها قبل نحو عقدين. وكعادتنا فى بلاد بعيدة عن مراكز الابتكار وغارقة فى الجلوس على الدكة للتنظير ثم التحذير، نعتبر كل عابر للحدود شرًا مطلقًا قبل أن نبدأ فى الإفتاء بالحرمانية أو التهديد لعاداتنا وتقاليدنا، ثم مطالبين للمبتكرين بأن يُفصِّلوا لنا منصات على مقاسنا، وبعدها نصرخ مُحرِّضين إياهم على منع ما يجرح مشاعرنا الرقيقة وما يُوقظنا من غفلتنا العميقة بحجة إهانة ثقافتنا وإلحاق الضرر النفسى بنفسياتنا السامية، نجد أنفسنا وقد انقلبت الآية وتحولت الرواية من «الإنترنت فيه سم قاتل لأبنائنا» و«السوشيال ميديا ستهدم منظومتنا الأخلاقية على رؤوسنا» إلى «الإنترنت ساحة للجهاد» و«السوشيال ميديا مجال خصب لنشر معتقداتنا وبث أفكارنا ليعم الخير أرجاء البرية».

والمتابع لمجريات المنصات الرقمية على مدار عقدين يلاحظ أنها تحولت من أداة يستخدمها الإنسان للمعرفة والتواصل إلى كيان قادر على تحويل الإنسان وتواصلاته إلى أدوات تحقق مصالح الشركات والكيانات. والأهم من ذلك هو أن هذه المنصات الرقمية انتقائية جدًا فى اختيار الصالح والطالح على أثيرها، وانتقائية جدًا جدًا فى اختيار الوقت الذى تتدخل فيه لحجب الطالح وترك الصالح.

والقرارات الأخيرة الصادرة من هذه الشركات بحجب وحظر حسابات الرئيس الأمريكى ترامب المنتهية ولايته ملونة بألوان السياسة وغارقة حتى أذنيها فى المصالح. وهذا ليس دفاعًا عن ترامب أو حبًا لتغريداته وتدويناته، لكنه دفاع عمّا تبقى منّا فى هذا الجزء من العالم من إنسانية ورغبة فى الخروج من بالوعة الخطاب المشوه الذى أغرقنا فى غياهب العصور الوسطى.

فإذا كانت تغريدات ترامب وتدويناته وفيديوهاته فيها ما يحض على العنف والفتنة وتخريب المجتمع وضرب وحدته وبث العنصرية ونشر الكراهية، فماذا عن طوفان المحتوى المرئى والمسموع والمكتوب الذى يحمل معاول هدم دموية فى متناول نقرة واحدة؟!، هذا الطوفان من «الخطب»، التى تبث سمومًا ذات قوة قتل ثلاثية: تخريب العقول، نشر الكراهية، وبث الفوقية المبنية على جهل مدقع؟!.

لم يعد الموضوع مقتصرًا على شرائط كاسيت تُباع على الأرصفة لمَن يؤكد بالصراخ والعويل أن الفن حرام وأن المرأة حرام وأن العيشة واللى عايشينها حرام. كما لم يعد مقتصرًا على «داعية» مودرن يجوب النوادى الرياضية مخبرًا الطبقات المخملية أن التحدث مع «النصارى» مكروه، أو «عالِم» ببدلة يفنى حياته وحياة المشاهدين فى تركيب كل بحث وابتكار علمى آتٍ من بلاد بعيدة على مقاس الدين وليس العكس معتبرًا ذلك بحثًا علميًا فريدًا، أو إمام مُفوَّه يخبرنا أن نقل الأعضاء حرام وتهنئة المسيحيين حرام وخروج المرأة حرام، أو غيرهم. المنصات الرقمية مُتْخَمة بمَن يبث كراهية وفتنة ورجعية وجهلًا وخرافات، لكنها مازالت مُصنَّفة من قِبَل لجان حكماء السوشيال ميديا على أنها «حرية تعبير وكده».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب والفتنة ترامب والفتنة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon