بقلم : أمينة خيري
الحرب الحقيقية هى فى تمكين الأفراد من الأدوات التى تتيح لهم عدم الوقوف فى فخ الاستقطاب، ووقاية أنفسهم من شرور الفجر فى الخصومة والهبل فى المعارضة. الحرب الحقيقية هى أن ينشأ الصغار على حب أوطانهم، لا من خلال مواضيع إنشاء «عبيطة» ذات عناصر معدة مسبقاً يعتبرها الصغير سماجة وسخافة، ولا من خلال إغراق وإفراط فى أغنيات وطنية يتم التعامل معها باعتبارها وجبة إجبارية، ولكن من خلال مشاعر انتماء حقيقية تتولد عبر تربية على الحقوق والواجبات، وتنشئة على احترام القانون النابع من الإيمان به باعتباره الوسيلة الوحيدة التى لا بديل لها عن ضمان معيشة الأفراد مع بعضهم البعض دون جور أو احتكام لشريعة هذا دون شريعة ذاك.
الحرب الحقيقية هى البدء فوراً فى تعليم الأجيال الصغيرة طريقة التفكير وليس إملاء محتواه. والإصرار على التدخل فى حشو أدمغتهم بفكر دون غيره، وليس تدريبهم على الطريقة، يعنى تقبلهم فيها بعد تبديل هذا الحشو بآخر أكثر جاذبية أو محتوى مغاير مغلف بغلاف أحلى وأكثر بريقاً. المطالبة بكل ما سبق ليس جديداً. فقد تنبه إليه كثيرون منذ هبوب رياح «الربيع» الشتوية علينا فى يناير 2011. فما كان يفترض أن يكون تغييراً للأفضل، تحول إلى ترجمة فعلية للخراب الذى تُرِك ينهش فى الجسد المصرى عبر خلطة الدين بالسياسة منذ عقود مع استيراد ثم اعتناق نسخة ثقافية مستوردة للدين، وهو ما انتعش بفضل تجريف كامل للمجتمع وإهمال كلى لمحتوى التعليم وقواعد الديمقراطية. ونعيد التذكرة بكل ما سبق فى ضوء تعليقات البعض على واقعة «الأميرية» وتفسيراتهم الموتورة حيث محاولات لسحب البساط من تحت أقدام «الجيش الأبيض»، أو إلهاء الشعب بعيداً عن إغلاق بيوت الله، وغيرها من الشطحات الناجمة عن عقود التجريف.