توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جائحة النكاح المجتمعي

  مصر اليوم -

جائحة النكاح المجتمعي

بقلم : أمينة خيري

تصر الأحداث أن توقظنا من غيبوبتنا، لكن هيهات. «سيدة السلام» تم إنهاء حياتها لأن آخرين لم يعجبهم تصرف قامت به أو قراراً اتخذته أو حياة عاشتها. وإنهاء الحياة هنا ليس بالضرورة قيام آخرين بإلقائها من الشرفة، أو إقدامها على ذلك هرباً من وحشيتهم المرتدية عباءة الأمر بالمعروف وجلباب النهى عن المنكر. لا يعنينى إن كان الرجل الذى دخل شقتها بائع أنابيب أو صديقا أو قريبا أو عشيقا، ولا نوع العلاقة. وكم من علاقات يعتبرها البعض حراماً، لكن رحاها تدور دون أن يدرى أحد طالما السرية قوامها والأنوف المدسوسة فيما لا يعنيها منشغلة بعلاقة أخرى. وبمناسبة الأنوف المدسوسة، أكرر ما كتبته قبل أشهر طويلة عن أننا نميل ثقافياً إلى التدخل فى شؤون الآخرين، بل و«اللغوصة» فيما لا يعنينا من أمور. «دفع مهر كام؟» «مرتبك كام؟» «ماخلفتوش عيال ليه؟» «شبكتك بكام؟» «إنت لابس/ لابسة كده ليه؟» وغيرها من سخائف الأسئلة والتى تعكس كماً معتبراً من الحشرية. وقد التحمت هذه الحشرية الثقافية بمفاهيم دينية عبرت حدودنا والتحمت بحشريتنا، وانتشرت انتشار النار فى الهشيم حتى اعتبر ملايين المصريين أنفسهم أعضاء فاعلين فى جماعة «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر». والغريب أن ما سبق تزامن وهوس رهيب بالجنس. اليوم، نجد أنفسنا بعد عقود من التنوير نعود إلى المربع الذى كانت تقف فيه أوروبا فى العصور الوسطى. إنه المربع الذى اعتبر «الآخر» هو اليهود والنساء والشيطان. وما التحرش الذى يعانى منه كل كائن أنثوى فى مصر إلا ترجمة للهوس بالجنس المرتدى جلباب الدين.

وما البرامج والفقرات والمواقع الإلكترونية والأسئلة الفياضة والفتاوى الرنانة عن المرأة وقواعد نكاحها وإمكانية نكاح غيرها دون أن يؤثر ذلك على نكاحها وتوقيت نكاح الصغيرة وكيفية نكاح المسنة وإمكانية نكاح الميتة واحتمالية نكاح البهيمة ورسائل النكاح التى ترسلها النساء عبر ملابسهن ومدى قدرة الحذاء على استثارة الرغبة فى النكاح وإن كانت ضحكة المرأة فى مكان عام تعنى أنها دعوة للنكاح إلا نتيجة حتمية للهوس بالجنس الناجم عن خلطة شيطانية اسمها تغلغل ما يتصور البعض أنه دين فى النفس الذى نتنفسه فى المحروسة.

الحادث يرمز للمجتمع المصرى الآن بدءا بـ«البواب» حامى شرف العمارة وسمعتها الدينية من أخطار النكاح غير الشرعى، مروراً بالجيران الذين يشوبهم رعب جبار من أن يتم تصنيفهم تحت بند «ديوث» (إحدى الكلمات المنضمة حديثاً للقاموس المصرى) وانتهاء بالمتابعين الذين يمصمصون شفاههم أسفا على المغدورة لكن يسارعون لاتخاذ مقاعدهم على دكة «شعب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر». ولا يسعنى سوى أن أفكر فيما يجول فى خاطر من ألقى القبض على المشتبه بهم، ومن يحقق أو يحكم عليهم، هل يتعاطفون مع المغدورة أم يثنون على من رفضوا أن يكونوا «ديوثا»، فالمجتمع واحد والجائحة واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جائحة النكاح المجتمعي جائحة النكاح المجتمعي



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon