بقلم : أمينة خيري
لا يقلقنى كثيرًا أن يقبل شعب «فيسبوك» المختار، أو قبائل «تويتر» السامية، أو جروبات «الماميز» الأسطورية، على الغوص فى فيديوهات مثيرة تفيد بأن «الحكومة تخفى أعداد المصابين بكورونا»، أو أن «واحد قال لواحد صاحبه إن واحد كان ماشى فى الكيلو 4.5 فقابل واحد مصاب بالفيروس»، أو أن «واحدة ماميز قالت لواحدة ماميز تانية إن واحدة ماميز تالتة عرفت من واحدة ماميز رابعة إن الفيروس انتشر فى المدارس».ولا يقلقنى أن يسأل سائق التاكسى الراكب الذى تبدو عليه أمارات العلم والمعرفة عن حقيقة ما يُقال من أن «الصين ترسل إلينا طائرات محملة بالفيروس حتى ينتشر فى مصر»، أو المواطن الذى يؤكد لزميله المواطن المجاور له فى الميكروباص أن الفيروس حين انتشر فى الصين كان عقابًا إلهيًا للكفار وغير المسلمين، لكن انتشاره فى الدول الإسلامية هو ابتلاء للمؤمن، ولو مات متأثرًا به فهو فى الجنة مع الشهداء والحور العين.
كل ما سبق من «قالك» و«بيقولك» وارد. لكن يُقلقنى ويُغضبنى هذا الكم المذهل من الهبد من قِبَل أشخاص يُفترض أنهم على قدر من العلم والوعى والقدرة على التحقُّق والاحتكام للمنطق والتعقُّل قبل الانطلاق بنظريات لا ترتكز إلا على وهم أو رغبة مسبقة فى الانتقام لأسباب بعضها شخصى.شخصيًا أؤمن أن بيننا مَن أُصيبوا بحالة برد أو أنفلونزا وتعاملوا معها باعتبارها أدوارًا عادية، وربما لم تكن كذلك، لكن تم شفاؤهم. وربما هناك أشخاص أُصيبوا بالفيروس دون أن تظهر عليهم الأعراض المعروفة حتى الآن. وقائمة الـ«ربما» طويلة، ولاسيما أن أباطرة العلم والبحث حول العالم مازالوا فى مرحلة البحث والمعرفة ومحاولات اكتشاف أبعاد الفيروس.
وأعود إلى الأشخاص الذين يخرجون علينا بتدوينة فيسبوكية يجرى تداولها وتشارُكها بين الحين والآخر بتأكيد أن فى مصر عدد إصابات كذا، وأنه جرى القبض على الطبيب الذى أبلغ. تسأله بينك وبينه عن مصدر ما كتب، فيُنبئك بأنها «عنعنة»! قال له فلان نقلًا عن علان أو ترتان عرف من صديق كذا كذا. تلومه على نشر هذه العنعنات وهو غير متيقن من المعلومة، فيباغتك بالرد: «وهو أنا لوحدى اللى باقول؟!» أو «أنا باكتب ما وصلنى وعلى مَن يرغب التأكد» أو «ماهو مش معقول إن مصر فيها هذه الحالات بس». والأدهى خروج بعض مَن يظهرون على شاشة التليفزيون ليقدموا نصائح للمتابعين على صفحاتهم بأن الفيروس مؤامرة من دولة كذا، وأن الوقاية الوحيدة هى ارتداء الأقنعة، والصلاة والدعاء!.هذه النوعية تصدمنى، فإذا كنا نلوم بعض المواطنين على تناقُل الفيديوهات والأخبار المفبركة، ونبرر ما يفعلون بتواضع المستوى التعليمى أو المعرفى، فما المبرر لغيرهم من جهابذة «كورونا»؟، هل هو بحث عن شعبية مفقودة؟، أم فرصة لضرب سياسى تحت الحزام؟، أم تسلية غير مسؤولة؟، أم ماذا؟.