بقلم - أمينة خيري
ما علاقة ماكينات ضخ العيال بسلفنة المجتمع الدائرة رحاها بوزارة الثقافة؟، للوهلة الأولى لا تبدو هناك صلة، لكن ببعض التدقيق نجد أن الخلفة الماضية قدمًا دون التفات إلى مصلحة عامة أو خاصة أو حقوق الطفل القادم دون موارد أو مبدأ توريث الفقر وثيقة الصلة بالأبواب المفتوحة على مصاريعها أمام أهواء وأغراض جماعات وأفراد غارقين حتى الثمالة فى فكر الإسلام السياسى، وكلاهما مرتبط بأنشطة وزارات عدة، على رأسها وزارة الثقافة، وبالطبع وزارة الشباب والرياضة، ومعها وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى.
بيننا ملايين الأسر ممسكة بتلابيب «تكاثروا فإنى مباهٍ بكم الأمم» على اعتبار أن التكاثر العددى هدف فى حد ذاته. هذه الأسر قابلة للتأثر بتيارين لا ثالث لهما: تيار قرر بوضع اليد أن يكون سلطة دينية تقف على قدم المساواة مع السلطة المدنية مدعيًا دعمها، أو تيار ثقافى تنويرى يعمل على تطهير الأدمغة وتنقيح الأفكار وتمكين الإرادة.
وحين أشار الزميل الإعلامى النابه العالم ببواطن الشبكة العنكبوتية، خالد البرماوى، فى برنامج «حديث القاهرة»، على شاشة «القاهرة والناس»، إلى قائمة أكثر الوزيرات بحثًا من قبل المصريين، وجد أن وزيرة الثقافة، الدكتورة إيناس عبد الدايم، جاءت فى ذيل قائمة الوزيرات الثمانى «نورت» فكرة. ماذا لو تمكنت وزارة الثقافة من الوصول فعليًا إلى كل مدينة وقرية فى مصر؟، لماذا لا تملأ أخبار قصور الثقافة الدنيا ونحن فى أمس الحاجة إليها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هجمة الإسلام السياسى والجماعات السلفية الشرسة؟،
لماذا لا يتم استثمار هذه القصور فى عمل نافع يساهم فى إنقاذ السفينة التى يجرى خرقها بضخ عيل كل 14 ثانية من قبل البعض، رافعين إما شعار «حرية شخصية» أو «أمرنا رسول الله (ص) بالتكاثر»؟!، أنشطة ثقافية إبداعية، اكتشاف مواهب تمثيل وغناء وعزف وشعر وكتابة، دورات لمحو الأمية الرقمية وهلم جرا تنير هذه القصور الموجودة بالفعل، لكنها تعانى قصورًا فى الفكر أو الاستخدام أو كليهما.
وأخشى ما أخشاه أن يتبنى أحدهم فكرة إحياء قصور الثقافة، فنجد الأنشطة عبارة عن استضافة لرجال الدين ليحدثونا عن قواعد ضرب الزوجة، وهل يجوز استخدام القطرة فى نهار رمضان، وحكم نكاح الطفلة قبل أن تبلغ (وهذه فتاوى «مستقلة» تحفل بها المواقع). الإصرار على خلط الدين بالطب بالسياسة بالثقافة بالهندسة بالمحاسبة بالطبيخ بضخ العيال إهانة للدين قبل أن يكون هاوية نركض نحوها. وأشكر قراء كثيرين أرسلوا رسائل يصب جميعها فى خانة مواجهة القنبلة السكانية بالثقافة، ومنهم الأستاذ محمد عطيتو إبراهيم من الأقصر الذى قال إن قاعدة عريضة من المصريين هجرت الشاشات ومصادر الثقافة من كتب وغيرها، ولم تعد تلجأ إلا لرجال الدين وكذلك ما يرد على منصات التواصل الاجتماعى من سموم. وهو يقترح مشروعًا قوميًا للثقافة والفن والقراءة جنبًا إلى جنب مع برامج الحماية الاجتماعية.