توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرطة المجتمعية الثقافية

  مصر اليوم -

الشرطة المجتمعية الثقافية

بقلم : أمينة خيري

حتى يتوقف أفراد المجتمع عن الاستغراق والإغراق والاستمتاع بالقيام بدور هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لابد أن يتوافر عاملان مهمان: الأول هو إرادة سياسية قوية وجريئة من الدولة بأن يتوقف الأفراد عن القيام بهذا الدور، والثانى، وهو الأصعب، هو عملية تطهير الأمخاخ التى خضعت لفيروسات ثقافية مركزة وممنهجة وموجهة على مدار ما يزيد على نصف قرن، وقبلها أربعة عقود هى فترة «الإحماء» لحقن الناس بفيروسات جماعات الإجرام السياسى ممثلة فى جماعة الإخوان.

سكان عمارة معترضون على قيام البعض بإطعام قطط الشارع فيؤنبون جيرانهم باستخدام آيات قرآنية وأحاديث نبوية. فتيات يقدمن مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعى فيهب المجتمع مطالبًا بإقامة الحد عليهن لأنهن فسقفن وفجرن. ممثلة ترتدى فستانًا يقلق مضجع البعض فيهرع محام لرفع قضية عليها لأنها تهدد العادات وتعرض التقاليد للخطر وتضع الدين والمتدينين فى مهب الريح. يتلقى المسجد شكوى من بعض الجيران بأن مكبرات الصوت أعلى بكثير مما ينبغى، وأن صوت المؤذن أجش ونشاز، وأن الصلوات الجهرية يتم بثها عبر المكبرات مسبوقة بالقرآن الكريم، فيعتبر المصلون ذلك ازدراء للصلاة وتضييقًا على المصلين. ترتدى إحداهن فستانًا عاديًا مثلما كان شائعًا فى مصر قبل ظهور النسخة المستحدثة من التدين فيستدعى ذلك شتمًا على أسس دينية من المارة وسبًا على قواعد إيمانية من قادة السيارات وتحرشًا من المتحرشين، وأمثلة «الشرطة المجتمعية» أكثر من أن يتم حصرها أو سردها.

وأغلب الظن أن الخراب الثقافى الذى حط علينا ونال منا على مدار عقود طال كل فئات المجتمع، وهو ما يجعل مواجهة فكر تنصيب أنفسنا أعضاء فاعلين فى جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أمرًا بالغ الصعوبة.

ويقول المثل الشعبى: أبوها راضى وأنا راضى مالك أنت ومالنا يا قاضى! بمعنى آخر، القاعدة العريضة من الناس بأطيافهم وفئاتهم وشتى وظائفهم ومهنهم سعداء وراضون ومستمتعون بهذا الدور اللطيف، والواقع عليهم فعل الأمر بما تراه العامة معروفًاً لا حول لهم أو قوة أمام هذه الخيبة القوية العارمة.

القوة الوحيدة القادرة على «صنفرة» المفاهيم هى تحالف العلم والتفكير النقدى وسيادة القانون، والتى يجرى مناصبتها العداء من قبل المتشبثين بشيوع الشرطة المجتمعية الثقافية وفى أقوال أخرى «الدينية». هذه القوة يجرى محاربتها بضراوة لأننا بتنا نعتقد أن المجتمع القريب من الله هو الذى يشهر فيه الشعب المتدين بالفطرة أسلحة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى وجوه بعضهم البعض، وكذلك لأن تحالف العلم والقانون من شأنه أن يطيح بتحالفات أخرى وقوى ظلامية عديدة تهيمن على الأدمغة وتسيطر على الساحة الشعبية. إذن، المقاومة ستكون عنيفة، والحرب ستظل غير متكافئة، حيث فريق يرد بالعقل والمنطق والقانون، والآخر نجح فى تقديم نفسه باعتباره مقدسًا، وبالتالى فإن محاربته فسق، وفضح فراغه فجور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرطة المجتمعية الثقافية الشرطة المجتمعية الثقافية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon