توقيت القاهرة المحلي 16:43:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرطة المجتمعية الثقافية

  مصر اليوم -

الشرطة المجتمعية الثقافية

بقلم : أمينة خيري

حتى يتوقف أفراد المجتمع عن الاستغراق والإغراق والاستمتاع بالقيام بدور هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لابد أن يتوافر عاملان مهمان: الأول هو إرادة سياسية قوية وجريئة من الدولة بأن يتوقف الأفراد عن القيام بهذا الدور، والثانى، وهو الأصعب، هو عملية تطهير الأمخاخ التى خضعت لفيروسات ثقافية مركزة وممنهجة وموجهة على مدار ما يزيد على نصف قرن، وقبلها أربعة عقود هى فترة «الإحماء» لحقن الناس بفيروسات جماعات الإجرام السياسى ممثلة فى جماعة الإخوان.

سكان عمارة معترضون على قيام البعض بإطعام قطط الشارع فيؤنبون جيرانهم باستخدام آيات قرآنية وأحاديث نبوية. فتيات يقدمن مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعى فيهب المجتمع مطالبًا بإقامة الحد عليهن لأنهن فسقفن وفجرن. ممثلة ترتدى فستانًا يقلق مضجع البعض فيهرع محام لرفع قضية عليها لأنها تهدد العادات وتعرض التقاليد للخطر وتضع الدين والمتدينين فى مهب الريح. يتلقى المسجد شكوى من بعض الجيران بأن مكبرات الصوت أعلى بكثير مما ينبغى، وأن صوت المؤذن أجش ونشاز، وأن الصلوات الجهرية يتم بثها عبر المكبرات مسبوقة بالقرآن الكريم، فيعتبر المصلون ذلك ازدراء للصلاة وتضييقًا على المصلين. ترتدى إحداهن فستانًا عاديًا مثلما كان شائعًا فى مصر قبل ظهور النسخة المستحدثة من التدين فيستدعى ذلك شتمًا على أسس دينية من المارة وسبًا على قواعد إيمانية من قادة السيارات وتحرشًا من المتحرشين، وأمثلة «الشرطة المجتمعية» أكثر من أن يتم حصرها أو سردها.

وأغلب الظن أن الخراب الثقافى الذى حط علينا ونال منا على مدار عقود طال كل فئات المجتمع، وهو ما يجعل مواجهة فكر تنصيب أنفسنا أعضاء فاعلين فى جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أمرًا بالغ الصعوبة.

ويقول المثل الشعبى: أبوها راضى وأنا راضى مالك أنت ومالنا يا قاضى! بمعنى آخر، القاعدة العريضة من الناس بأطيافهم وفئاتهم وشتى وظائفهم ومهنهم سعداء وراضون ومستمتعون بهذا الدور اللطيف، والواقع عليهم فعل الأمر بما تراه العامة معروفًاً لا حول لهم أو قوة أمام هذه الخيبة القوية العارمة.

القوة الوحيدة القادرة على «صنفرة» المفاهيم هى تحالف العلم والتفكير النقدى وسيادة القانون، والتى يجرى مناصبتها العداء من قبل المتشبثين بشيوع الشرطة المجتمعية الثقافية وفى أقوال أخرى «الدينية». هذه القوة يجرى محاربتها بضراوة لأننا بتنا نعتقد أن المجتمع القريب من الله هو الذى يشهر فيه الشعب المتدين بالفطرة أسلحة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى وجوه بعضهم البعض، وكذلك لأن تحالف العلم والقانون من شأنه أن يطيح بتحالفات أخرى وقوى ظلامية عديدة تهيمن على الأدمغة وتسيطر على الساحة الشعبية. إذن، المقاومة ستكون عنيفة، والحرب ستظل غير متكافئة، حيث فريق يرد بالعقل والمنطق والقانون، والآخر نجح فى تقديم نفسه باعتباره مقدسًا، وبالتالى فإن محاربته فسق، وفضح فراغه فجور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرطة المجتمعية الثقافية الشرطة المجتمعية الثقافية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon