بقلم : أمينة خيري
حسناً فعلت كورونا بإلهاء العالم بعيداً عن السياسة إلى حد ما. ورغم ذلك، تضطرنا الأحداث أحياناً للعودة للمعترك. وأحد اللاعبين الرئيسيين فى معتركنا الذى نتجرعه منذ يناير 2011 هو جماعة الإخوان وأبناء عمومهم. ورغم أن التجرع ظهر على الملأ مع هبوب ما يمسى «رياح الربيع العربى»، إلا أنه فى واقع الحال تدور رحاه منذ تأسيس الجماعة عام 1928 وتركها ترتع فى كل مكان. وحين تم القبض على صندوق الإخوان الأسود والقائم بأعمال المرشد محمود عزت قبل أيام، صدر بيان عن الجماعة فى مصر!! بالطبع وكما هو متوقع ومعمول به ومتعارف عليه من هذا الكيان، دق «حزب الحرية والعدالة» المحظور على الأوتار المتوقعة. فالرجل طاعن فى السن، ومصاب بـ«بعض» الأمراض المزمنة، وهو ما يستنفر قرون الاستشعار لدى جماعات وجمعيات هنا وهناك ستهب مدافعة عن حق الرجل «السياسى المسالم المسكين التابع لجماعة سلمية أتت أول انتخابات حرة نزيهة وصناديقها الديمقراطية بأحد كوادرها المدنية رئيساً لمصر». وبعيداً عن أساسيات وأبجديات القوانين المعروفة والمسلم بها والتى تنص على حق المسجون فى العلاج والرعاية الصحية عملاً بمبدأ أن «السجناء يرسلون إلى السجن للعقاب وليس من أجل العقاب»، فإن مثل هذه المقدمة متوقعة من قبل الجماعة التى احترفت الدق على الأوتار الحقوقية وعزف مقطوعات الصعبانيات والكيل بمكيالين حيث السلمية والدبلوماسية وتغذية المراكز البحثية بكل ما تشتهيه الأنفس من كتاب وباحثين يؤمنون (أو قرروا أن يؤمنوا) بسلمية الجماعة وحقها كـ«فصيل وطنى مدنى»!! «مدنية» الجماعة التى أطلقت زبانيتها من كوادرها ومتعاطفيها ومعهم أبناء عمومها من الجماعات الجهادية والتكفيرية على عموم المصريين فى أشهر ما بعد يناير 2011 مازالت تتمسك بتلابيب الصعبانيات التى تلقى آذاناً صاغية وعقولاً مستقبلة (ولن نتدخل فى القلوب لأن محتواها لا يعلمه إلا الله) فى دول شتى ولدى أنظمة سياسية تعرف جيداً من أن تؤكل كتف المصالح وتحترف التلاعب بالحلفاء والأصدقاء بحسب مصالحها المتغيرة. لكن ما يلفت الانتباه حقاً فى البيان هو تأكيدها على أن «أعمالها تسير بانتظام وستظل ثابتة على مبادئها، ماضية على طريق دعوتها بالحكمة والموعظة الحسنة فى خدمة وطنها ودينها، دون توقف أو تردد أو وجل». وأشارت الجماعة كذلك إلى أنه «لن تحيد أو تضل عن طريقها الواضح وخطها الثابت مهما كانت التضحيات والتبعات»!!! وتضيف أنها «ستظل على عهدها فى مناهضة الظلم والظالمين وتبنى حقوق الشعب المصرى العادلة»!! أسئلة عدة تطرح نفسها: مبدئياً ما هى أعمال المرشد التى كان يقوم بها عزت المريض المسكين؟ وما هى الأعمال التى تسير بانتظام للجماعة فى مصر؟ ننتظر إجابات لعلها تزيل الغمامة من على عيون كثيرة مازالت ترى «حضانة إسلامية» فتحت أبوابها فجأة، هنا مشروع جميل، أو جمعية خيرية تجمع الأموال لتزويج الفقيرات، هناك فكرة رائعة، وغيرها كثير.