توقيت القاهرة المحلي 06:41:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العلايلي وهلع العقل

  مصر اليوم -

العلايلي وهلع العقل

بقلم:أمينة خيري

قبل نحو ٢٠ عاما، عانيت ألما مبرحا فى أسنانى. أعلم أن الغالبية المطلقة منا تخشى فكرة وجع الأسنان لما تعنيه من زيارة حتمية إلى طبيب الأسنان، والاستلقاء على كرسى الكشف، الذى يعنى أن المستلقى، أو بالأحرى فم المستلقى، بات فى قبضة الطبيب وآلاته الحادة وماكيناته الصاخبة. ورغم ذلك، أعتبر خوفى ورعبى من طبيب الأسنان من نوعية مختلفة تحول أحيانا دون سعيى للعلاج.

وقد شاءت الأقدار أن يفاجئنى هذا الألم مساء ليلة رأس السنة، والتى صادفت فى هذا العام يوم خميس. كنت فى العمل وقتها فى مكتب صحيفة «الحياة» اللندنية فى وسط القاهرة، واقترح علىّ صديقى وأخى الكاتب الصحفى الفنى محمود موسى أن أتوجه للدكتور محمود فهو طبيب ممتاز، ويراعى مسألة هلع المريض من فكرة الألم تماما، كما أنه ابن أحد الممثلين المفضلين لدى، وهو الفنان الجميل عزت العلايلى، فاقتنعت، لكن أغلب العيادات مغلق فى هذا اليوم. اتصل به، وفى دقائق أخبرنى أن الدكتور محمود فى عيادته فى المهندسين، وينتظرنى.

توجهت إلى هناك سريعا، وهلعى مقسم بين الألم الذى أعانيه وبين ما أنا مقبلة عليه على يد الدكتور محمود. وصلت العيادة واستقبلنى الدكتور محمود بحفاوة وابتسامة هادئة ومريحة. وقبل أن أشرح له ما أعانى، سردت مخاوفى من الكشف والحقن والحشو، وكيف أننى لا أحتمل ألم علاج الأسنان، ربما أكثر من ألم الأسنان نفسه. وبطريقته التى تختلط فيها خفة الظل مع تقدير مخاوف المريض مع قدرة فائقة على الطمأنة والتهدئة، أقسم لى أننى لن أشعر بألم، ثم ألقى علىّ قنبلة مروعة.

إنه ضرس العقل، ويجب خلعه. وطبعا بدأت فى مناحة الخلع والألم والهلع، ولم أدرك ما حدث إلا بعد دقائق معدودة وقد زال الألم، وانخلع الضرس، وطالبنى الدكتور محمود بالانصراف حتى ألحق بحفل نهاية العام. كانت هذه بداية معرفتى بالدكتور محمود العلايلى، إحدى أروع وألطف وأذكى الشخصيات التى عرفتها فى حياتى. واستمرت صداقتنا، بين وجع أسنان مرة، ولقاء فى فعالية ثقافية أو سياسية مرة، وفى كل مرة، يستقبلنى بحفاوة، ونتبادل حديثا قصيرا جميلا عبارة عن كوكتيل سياسة واجتماع وأحداث، بدون تطرق إلى الأسنان من قريب أو بعيد.

تابعته فى مسيرته التليفزيونية والسياسية، مع زيارات للعيادة حين يلزم الأمر لى أو لوالدتى، رحمها الله، والتى كان يخبرها دائما أنها تذكره بوالدته. ثم وجدته جارا عميقاً خفيف الدم لى فى «المصرى اليوم»، والأهم من الجيرة أن آراءه ومواقفه فيما يختص بالسياسة والخطاب الدينى وفوضى الشارع وأولويات البناء كانت شبه متطابقة معى.

توقفت زيارات الأسنان، واستمرت لقاءات الصدفة وحوارات المودة، لكنه اختفى بضعة أسابيع اختفاءً لم يصاحبه صور المرض وتدوينات متابعة العلاج وغيرها من مظاهر الإشهار الصاخب التى لا تناسبه أو تليق شخصيته. ورحل الدكتور محمود العلايلى رحيلا أوجع قلبى. رحمة الله عليه، خالص العزاء لأسرته ومحبيه وأصدقائه ولى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلايلي وهلع العقل العلايلي وهلع العقل



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon