بقلم : أمينة خيري
متابعة وضع كورونا (كوفيد- 2019) على «فيسبوك» المصرى مذهلة. وهى تستحق بحثًا وتأملًا. فريق ينقل التصريحات الرسمية بأن عدد حالات الإصابة بالفيروس هى واحد، وهو الرقم المثبت كذلك لدى المكتب الإقليمى لشرق «المتوسط» فى منظمة الصحة العالمية، وفريق يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الحكومة تكذب، والمنظمة مضطرة إلى مجاراة ما تقوله الوزارة، وأنه من المستحيل ألّا تكون هناك حالات إصابة فى مصر بالفيروس. وبين الفريقين هبد ورزع، وهرى وهرى آخر كذلك الذى اعتدناه على مدار السنوات التسع الماضية.
الوضع الفيسبوكى لـ«كورونا» فى مصر يدفعنا دفعًا إلى طرح أسئلة والتأمل فى مظاهر وظواهر. مبدئيًا، نحمل موروثًا ضخمًا ثقيلًا وله أسبابه من ميل إلى عدم تصديق كل ما يصدر عن جهات رسمية. عشنا عقودًا طويلة جدًا ونحن على يقين بأنه لو قالت الحكومة ألّا زيادة فى الأسعار فإن هذا يعنى أن هناك زيادة مؤكَّدة فى الأسعار، وأن الوزير المختص لو صرح بأن «كله تمام» فإن كله حتمًا أبعد ما يكون عن التمام. من الطبيعى إذن أن يستمر كثيرون فى التشكُّك فيما يصدر عن الجهات الرسمية. ولكن فرقًا كبيرًا بين التشكُّك الناجم عن خبرات سلبية سابقة، وبين التشكُّك لمجرد أننى أصنف نفسى معارضًا وأقف على طرف نقيض من النظام السياسى، وقد صل الأمر بالبعض إلى درجة شتم وسب مَن يصدق التصريحات الرسمية، بل إن البعض يبدو من كتاباته وكأنه يتمنى من قلبه أن يثبت ظهور حالات إصابة بالفيروس فى مصر لمجرد التشفِّى فى النظام.
هذه الكلمات الغرض منها التفكير، وليس الدفاع عن الحكومة، فربما تكون هناك حالات إصابة بالفعل، لكن أصحابها والمحيطين بهم لم يشكوا أنها «كورونا». الغريب أيضًا أن هناك بيننا مَن يتعامل مع الفيروس بمعايير مزدوجة. وبعيدًا عن جنون اعتباره غضب الله على غير المسلمين، وابتلاء للمؤمن فى حال كان المصابون مسلمين، فإن هناك مَن يمجد ويعظم إجراءات تتبعها دول أخرى باعتبارها دليل احترامها لمواطنيها، لكنها فى حال تطبيقها هى نفسها فى مصر تتحول بقدرة قادر إلى تضييق على المواطنين وتدخل فى خصوصياتهم وخرق لحقوقهم المهدرة. ما علينا. المهم حاليًا هو أن الوضع الحالى لانتشار الفيروس فى العالم هو «خطر جدًا» كما أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل ساعات. وهذا يستوجب علينا جميعًا- بعيدًا عن موقفنا السياسى- أن نرفع درجات الوعى فى شأن النظافة العامة والشخصية، وكلتاهما تعانى بشدة فى بلادنا، فمن بصق على الأرض، إلى مسح الأنوف والأفواه بالأيدى، إلى إلقاء القمامة فى كل مكان وأى مكان، بما فيها «مناور» عماراتنا السكنية، إلى اعتبار غسل الأيدى جيدًا بالماء والصابون أمرًا تافهًا، نحتاج تدريب أنفسنا ودفعها دفعًا إلى اعتناق النظافة وليس التشدُّق بها فقط.