توقيت القاهرة المحلي 18:40:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للعلم والإحاطة

  مصر اليوم -

للعلم والإحاطة

بقلم : أمينة خيري

حاول ألسينو كوستا (38 عاماً) أن يجد مكاناً لدراجته الهوائية فى داخل القطار فى محطة ستراتفورد فى شرق لندن. ولأنه كان وقت الذروة حيث عودة الموظفين والموظفات من أعمالهم (والنسبة الأكبر هنا لا تستخدم سياراتها الخاصة للتنقلات)، فقد فشل فى إيجاد مساحة مناسبة له ولدراجته، وحيث إن «قواعد اصطحاب الدراجات الهوائية» على متن القطارات ومترو الأنفاق معروفة ومتاحة للاطلاع لمن يرغب ومفصلة بشكل لا يدع مجالاً للالتباس، فإن محاولات كوستا لم تجد من يقدم له يد العون من الركاب أو العاملين فى المحطة فى وقت الذروة.

تقول القواعد إن الدراجات القابلة للطى يمكن اصطحابها على متن أى قطار فى مترو الأنفاق دون تذكرة وفى كل الأوقات، أما الدراجات غير القابلة للطى، فلا يمكن اصطحابها إلا خارج أوقات الذروة المحددة بالتالى: من السابعة والنصف إلى التاسعة والنصف صباحاً، ومن الرابعة إلى السابعة مساءً، كما أنه يحظر اصطحاب الدراجة فى القطار فى غير أوقات الذروة فى حال كان الازدحام شديداً، ليس هذا فقط، بل هناك عدد محدود من المحطات يحظر النزول فيها من القطار بالدراجة غير القابلة للطى (مثل محطة بانك) وذلك لأسباب تتعلق بسلامة الركاب.

ورغم هذا، استقتل واستموت كوستا، ولما قوبلت محاولاته بالرفض التام من قبل العاملين فى المحطة، لم يكن منه إلا أن ألقى بالدراجة أمام القطار الذى كان مقبلاً بسرعة، ما أدى إلى تدمير الدراجة وتوقف القطار لبضع دقائق، لم يهدد العاملين بعبارات تهديدية على شاكلة «ما تعرفش أنا مين؟!» أو «هتندم على عملتك»، ورغم أن العاملين لم يبادروا إلى الشتم والسب وخلع الأحزمة والاستعانة بما تيسر من زجاجات فارغة ومقاعد خالية للانتقام من كوستا ومعاقبته على فعلته، لكن ما جرى هو أن الشرطة كانت على رصيف المحطة فى أقل من دقيقتين.

لم يتدخل الركاب للوساطة، حيث «حرام عليكم، اتقوا الله، ده راجل غلبان»، أو حتى «معلش يا باشا ماجراش حاجة ده قطار حكومة يعنى الحكومة تصلحه، وحصل خير»، كما لم يبادر المواطن الكيوت اللذوذ المتيم بعصر تقنية المعلومات وصحافة المواطن برسم ابتسامة باهتة على وجهه والاندساس فى محيط الحدث لتصوير ما يحدث بهاتفه المحمول، بل انصرف كل حى يرزق إلى حاله.

كذلك لم يصل رجال ونساء الشرطة إلى مكان الحدث بخطوات بطيئة أو بلغة جسد تقول للجميع «وسع وسع للباشا»، بل جاءوا بخطوات سريعة واثقة مستعدة للتعامل مع الحدث حسبما يتطلب الموقف، أحاطوا بكوستا ووجهوا له عدداً من الأسئلة بهدوء شديد وحسم بالغ، لم يصفعه أحد على وجهه ليعترف، أو يركله أحدهم فى بطنه، كما لم يبادر أحدهم إلى الإمساك به من قفاه أو توجيه عبارات السباب له، كل هذا ومئات الركاب ملتزمون أماكنهم بعيداً عن الحدث لعدم تعطيل الإجراءات، وانتظاراً لرفع أنقاض الدراجة لوصول القطار التالى، لم تتصاعد عبارات الحسبنة على الشرطة «الطاغية» التى تستوجب «الراجل الغلبان» أو الحوقلة للتعبير عن فداحة ما جرى فى محيط المحطة، وحتى وإن حوقل أحدهم أو حسبن احتفظ بهما لنفسه.

وبمتابعة الحدث بعد أيام قليلة، اتضح أن السيد ألسينو كوستا خضع للمحاكمة، وهناك اعترف بقيامه بتعطيل القطار (نعم! التهمة تعطيل قطار)، وإلحاق الضرر بالمال العام، وحكمت محكمة «بلافرايرز» على السيد كوستا بالحبس ستة أشهر مع وقف التنفيذ، لكنه بدأ تنفيذ 70 ساعة من العمل غير المدفوع فى مجال خدمة المجتمع، وبالمناسبة فإن مجال خدمة المجتمع تتراوح بين العمل فى محلات بيع الملابس والمقتنيات المستخدمة التى تباع لأغراض خيرية، المشاركة فى أعمال الطهى فى دار مسنين، أو العمل فى مصنع فى قطاع لا يحتاج خبرة عملية، وغيرها وذلك تحت إشراف من قبل أحد العاملين المحنكين فى المكان.

وللعلم فإن فكرة «خدمة المجتمع» مخططة بشكل محكم، حيث الشخص ملتزم بعدد معين من الساعات وعليه أن يصل المكان فى الوقت المحدد ولا يبرحه إلا بعد انتهاء الساعات المقررة، وفى أثناء هذه الساعات، لا يجلس يشرب الشاى أو يلعب طاولة، لكنه يقوم بعمل يكون فى الأغلب ذا طبيعة خدمية وله طابع إنسانى، وجزء من الفكرة يقوم على تدريب الشخص على فكرة الالتزام بالأوامر وكأنه يتم تأهيله ليكون مواطناً ملتزماً بالقوانين التى تنظم الحياة فى المجتمع، وتقوم الجهات الرسمية بالاتصال بالمشرف بين الحين والآخر للتأكد من التزام الشخص، كما يتم إعداد تقرير شامل بعد انتهاء ساعات العمل التى حكمت بها المحكمة، وفى حال أظهر الشخص المحكوم عليه تمرداً أو رفضاً أو تقصيراً، يتم التدرج فى زيادة صعوبة ساعات الخدمة، حيث يتم إرساله إلى مكان ذى طبيعة أقسى وربما يصل به الأمر إلى الحبس.

وهذا للعلم والإحاطة والله من وراء القصد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للعلم والإحاطة للعلم والإحاطة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon