بقلم : أمينة خيري
هل مطلوب من الحكومة - أى حكومة - أن تتأكد من أن الشعب good boys and girls؟، وإذا اتفق شعب ما على أن يُحمل حكوماته هذه المسؤولية، فإلى أى قاعدة أخلاقية يتم الاستناد إليها؟ هل هى قاعدة يضعها رجال الدين، أم يسنها رجال القانون، أم يبتكرها كل نظام سياسى وقت تقلده السلطة.. فإن كان نظامًا يساريًا يضع قاعدة أخلاق يسارية، وإن كان يمينيًا يضعها يمينية، ولو كان دينيًا يغترف من الكتاب المقدس الذى تتبعه الغالبية ليشكل بها المقاييس المطلوبة لتربية الشعب؟! وفى حال تعاقبت حكومات تشكلها أحزاب سياسية مختلفة، فهل يتم تغيير القاعدة الأخلاقية مع كل تغيير سياسى، أم يقوم جهاز الشرطة بالتأكد من حسن سير أفراد الشعب؟.. وفى هذه الحالة، هل يتوقف ذلك على الخلفية الاجتماعية والتربوية للأمين أو العسكرى أو الضابط، أم أن على الشرطة أن تضع «مانيفستو» للأخلاق الشعوب؟
وفى حال تم الاتفاق على تطبيق معايير أخلاقية مستمدة من الدين، وخرق أحدهم أحد هذه المعايير، هل يتم إعلانه كافرا، أم يحاسبه القانون؟.. وفى حال خرق أحدهم معيارًا سلوكيًا ليس محرمًا مثل السير العكسى الذى لا يرد نصًا مقدسًا فى شأنه، هل يتم تجاهله؟
أسئلة كثيرة تطرأ على البال هذه الأيام، التى تشهد سجالات فى أنحاء عدة فى الكوكب حول الدولة والأخلاق والأفراد. وإذا أخذنا مصر على سبيل المثال لا الحصر، نجد أن هناك توجهًا شعبيًا فى العقود القليلة الماضية، ويزداد توسعًا وتجذرًا هذه الآونة فى تحميل الدولة (ممثلة فى الحكومة الحالية) مسؤولية التأكد من أن الإناث good girls. وحيث إن تعريف من هى البنت المؤدبة والتفرقة بينها وبين البنت غير المؤدبة أمر احتارت فى تعريفه البلايين التى مرت بالكوكب عبر قرون وألفيات، ولأن البنت المؤدبة فى العلم قد لا تكون بنتًا مؤدبة فيما وراء العلن، ولأن ما يعتبره أحدهم معيارًا لا ريب فيه للبنت المؤدبة يعتبره آخر هراءً محضًا، فقد وقع الجميع فى حيص بيص.. لكن جزءًا من هذا الحيص بيص ينبغى أن يخضع لبعضٍ من تحليل نفسى وعصبى. فكيف ولماذا وبأمارة إيه تقوم قومة الملايين لأن فتاة هنا خرقت معايير «البنت المؤدبة» لأنها تحدثت أو تصرفت بطريقة لم تحصل على إذن مسبق من ملاك صكوك الأخلاق الحميدة، لكن القومة تنقلب سباتًا عميقًا أو موتًا إكلينيكيًا رهيبًا حين تُضرب «الأخلاق الحميدة» فى مقتل على أيدى ذكور أو من قبل هيئات أو مؤسسات. هناك مؤشرات بأن منظومة الأخلاق الحميدة التى نجبر الدولة على رعايتها لا تخرج عن إطار الأمور الجنسية الخاصة بالإناث. ولننظر إلى دول سبقتنا فى محاولة فرض الأخلاق عبر جماعات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالأمر أيضًا، لكنها توقفت عن ذلك ربما لعدم جدواه. فلماذا نبدأ من حيث بدأ الآخرون؟!