بقلم : أمينة خيري
برافو الحكومة المصرية التى اتخذت أولى الخطوات الفعلية لإبطال مفعول قنابل الزيادة السكانية. أقول «قنابل» لأن سباق الأرانب المحموم لم يعد «قنبلة» تهدد بالانفجار، إذ تحول إلى سلسلة قنابل انفجر بعضها ويستعد البعض الآخر للانفجار تباعاً.
وتبعاً للاجتماع الذى عقده رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، وعدد من الوزراء والجهات المعنية بإبطال مفعول القنابل، فإن مدبولى أكد أن الزيادة السكانية تمثل تحدياً كبيراً أمام الدولة، على الرغم من تحسن الاقتصاد الجيد.
ولا يبالغ رئيس الوزراء حين يصف «القنابل» البشرية بـ«قضية تتعلق بالأمن القومى». وأحيى وأشجع وأدعم وأساند ما أشار إليه رئيس الوزراء من أن الدولة تتخذ إجراءات حالياً لقصر الدعم فى التموين و«تكافل وكرامة» على طفلين فقط لكل أسرة، وذلك للمواليد الجدد.
وبالطبع، وكما هو متوقع، سيخرج علينا فريقان حنجوريان رئيسيان: الأول من حزب الحرية الشخصية فى إنجاب العيال وعدم تدخل الدولة فى قرار الأسرة الشخصى، والغالبية المطلقة من هؤلاء هم أكثر المتضررين من الزحام الرهيب الذى نعيش فيه، وجحافل المتسولين وأسرهم الممتدة القابعة فى كل ناصية وعند كل مطب، وملايين الأطفال العاملين وبلا مأوى وسائقى التوك توك وغيرهم من المتسربين من المدارس. والثانى هم مصنعو القنبلة الذين يعملون بكل جد وكد لتزويد الشاعر المصرى بعيال دون هوادة.
هؤلاء مشبعون بفكرتين قاتلتين: الأولى أن الرأس التى يتم ضخها هى مصدر دخل إضافى للأسرة، والثانية هى أن تنظيم هذا الجنون حرام ورجس من عمل الشيطان. وفى هذا الشق الأخير، يجب الإشارة إلى أن ما تساهم به المناهج الدراسية من زرع محاسن الأسرة الصغيرة التى تستثمر فى تربية وتعليم أطفالها، يفسده المدرس السلفى أو المشبع بـ«فتاوى» نعرفها جميعاً عن حرمانية التنظيم.
وما يخرج عن المؤسسات الدينية «الرسمية» من فتاوى من على المنبر حول التنظيم، تهدمه «فتاوى» من تحت المنبر تصب فى الاتجاه المعاكس.
رئيس الوزراء طلب من الجهات المختصة إعداد خطط عمل «متكاملة». والتكامل والاستمرارية فى التعامل مع هذه القنابل أمران حيويان. فأن تعمل وزارة الصحة والسكان فى واد والإعلام والتعليم فى واد آخر، لن يحققا المراد.
أما الاستمرارية فهى ضمان النجاح الذى لا تكسره فتوى مخربة أو أحداث تجذب انتباه الرأى العام بعيداً. وبعد هذا التحرك العظيم للحكومة، ينبغى القول بأن اعتبار إنتاج العيال حرية شخصية هو اللغو بعينه. وتكفى نظرة إلى ملايين الأطفال والشباب من العاملين فى «الدليفرى» والتوك توك وتجارة الأرصفة والمواصلات العامة وغيرها، ناهيك عن الرضع الذين تحملهم عاملات تنظيف الشوارع فى تجمعات سكنية مثل الشروق والتجمع وأكتوبر أثناء عملهن المتأرجح بين الكنس والتسول، هل هذه هى القوى البشرية المرادة؟ وللمتشدقين بالمقارنة مع القوى البشرية فى الصين، نقول إن نوعية القوة ومهاراتها وقدرتها على إفادة المجتمع ونفسها هى المعيار وليس الضخ وخلاص.