توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماكرون بين المرفأ والمجلة

  مصر اليوم -

ماكرون بين المرفأ والمجلة

بقلم : أمينة خيري

اجتزاء المبادئ وانتقاء ما يناسب الهوى ويوائم الفكر، ورفع بطاقة «الخصوصية والهوية» الحمراء كلما «اتزنقنا»، أمور قد تريحنا بعض الوقت وتخدرنا لسنوات، لكنها لا تؤسس لثقافة أو تبنى منظومة. زار الرئيس الفرنسى ماكرون بيروت عقب انفجار المرفأ. انبهر البعض، وصفق البعض الآخر، واحتفظ فريق صغير لنفسه بحق التنبيه إلى أن مبدأ «علشان خاطر عيونك» غير معترف به فى السياسة، وأن الزيارة ذكية وجريئة، لكن بالطبع لها غايات ومحملة بالأغراض. لكن الغريب أن يبادر البعض من الفريق المنبهر، الذى دغدغت الزيارة مشاعره، إلى موجات تبكيت عارمة «ماكرون عمل ما لم يعمله سياسى عربى»، «التضامن والمؤازرة تأتى من الغريب وليس القريب»، «طبطبت الزيارة على شعب بأكمله». ردود الفعل هذه مفهومة. أنت منبهر بهذه الحساسية الراقية والمشاعر السامية، وتعتبرها مثلًا يُحتذى، وتعتبر تلك البلاد قِبلة للمهاجرين والنازحين لأنها تحترم الإنسانية وتعتبر كل بنى البشر سواء فى الحقوق أو الواجبات. تمام جدًا.

تمضى أيام قليلة وتقرر مجلة «شارلى إبدو» الفرنسية إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الشهيرة التى نشرتها قبل خمس سنوات والتى أساءت لسيدنا محمد (ص). لماذا؟.. تواكبًا مع بدء محاكمة عدد من الموجهة لهم تهمة الهجوم الذى تعرضت له المجلة وأوقع 12 قتيلًا من هيئة تحريرها للانتقام من المجلة و«إهانتها» لجموع المسلمين. وكتب رئيس تحريرها «لوران سوريسو» فى مقال نشره أمس الأربعاء مع صدور العدد: «لن ننحنى أبدًا. لن نستسلم». فماذا فعل ماكرون؟ أصدر أوامره بوقف النشر فورًا؟ لا، لم يفعل. رفع سماعة الهاتف وطلب من سوريسو وديًا التراجع عن قرار النشر؟ لا، لم يفعل. أمسك بالعصا من المنتصف، فأعلن أن مبادئ حرية التعبير فى بلده تمنعه من المنع أو الحجب أو الإغلاق؟ لا، لم يفعل. ماذا فعل؟.. صحيح أنه دعا «المواطنين الفرنسيين» إلى احترام بعضهم البعض وتجنب حوار الكراهية، إلا أنه قال بوضوح شديد إنه ليس فى موقع يمكنه من إصدار حكم على قرار المجلة بالنشر أو حتى انتقاد قرارها بنشر الرسوم. هنا انقلبت الآية، وبدلًا من «ماكرون الحنون» و«فرنسا الرؤوفة» واحترام الغرب الجارف لحقوق الإنسان... إلخ، انصبت اللعنات والاتهامات، بل المطالبة بالتظاهرات والاحتجاجات. أن تسىء لمعتقدات آخرين فهذا شىء مرفوض. لكن كيف تعبر عن الرفض: تحرق علمًا.. أم تسب وتلعن.. أم تبحث عما يعتنقه الآخر وتبادره الإساءة بإساءتين؟.. تلكمه فى وجهه؟.. تفجر مكان عمله؟.. تفخخ بيته؟.. تطالبه بالاعتذار؟.. تعتبرها حرية تعبير مسيئة؟.. تبذل جهدًا لتثقفه وتوضح له حقيقة المعتقد الذى يسىء إليه؟.. صحيح أن ما لا يُدرك كله لا يترك جُله، لكن من المفيد فهم الأسس التى تقوم عليها دول أخرى وثقافات مغايرة.

ما يعتبرونه «حرية تعبير» لا يتجزأ، وما يتم التوافق عليه باعتباره مصلحة وطنية يتم اقتفاء أثره ولو خارج الحدود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون بين المرفأ والمجلة ماكرون بين المرفأ والمجلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon