توقيت القاهرة المحلي 19:08:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجديد خطاب الموت

  مصر اليوم -

تجديد خطاب الموت

بقلم : أمينة خيري

معروف أن الموت علينا حق. لكن هل العذاب دنيا وآخرة علينا حق؟، وهل مَن لم يفلح معه خطاب الترهيب والتهديد طيلة الحياة بأن عيشته كلها حرام فى حرام، وأن الانتقام سيحل به أينما كان، وعاش حياته معتنقًا نسخة هادئة متسامحة سامية من التدين، عليه أن يَلقَى التهديد والوعيد بعذاب القبر وضيقه ووحدته وبرودته لدى وداع الأحبة؟!.

وهل مَن أفلت من نسخة التدين، التى صرعتنا قبل نصف القرن، وحوّلت التدين المثالى إلى تجهُّم وعبوس وكراهية للحياة، وتمنِّى الموت للنفس والآخرين، عليه أن يجد نفسه فى مواجهة قسرية مع هذا النوع من «التدين» لدى توديع الراحل الغالى؟، وهل مَن نجا بنفسه من الثقافة العابسة القاتمة المظلمة المرتدية عباءة الدين كأداة تهديد ووعيد لمَن لا يرتدع ويعتنقها، عليه أن يقف فى براثنها فى أكثر اللحظات التى يتمنى فيها قدرًا من سكينة، وتخيل الموت راحة ورحمة لمَن تقرر لهم الرحيل قبله؟.

ألا توجد وسيلة غير الصياح والصراخ وتركيز الحديث والدعاء على عذاب القبر وظلمته ووحدته، بل الاسترسال فى إخبار أحباب الراحل بأن حبيبهم الذى سبقهم أوشك على مواجهة الأقسى والأفظع؟، هل لو دار الحديث والدعاء عن الرحابة والاتساع والنور والنورانية سيتعرض السامعون لخطر الكفر والإلحاد؟.

ألَا يكفى أن أغلب مقابرنا مرتع للمتسولين والمبتزين عاطفيًا لأهل المتوفى باسم الدين وطلب الرحمة والصدقة؟. فى بلاد أخرى يحلو لنا أن ننعتها بالكفر والفسق، تُعتبر زيارة المقابر سموًا بالروح وعبرة حقيقية لا كلامية للباقين على قيد الحياة. لكنها عبرة من أجل خوض حياة أفضل فيها خير أكثر وعمل أبقى ومشاعر حب ومودة ورحمة أعمق، وليست العبرة التى أغرقتنا حيث تمنِّى الموت وازدراء الحياة، وكأن الباقين على قيد الحياة ويحبونها مذنبون، ولا تسقط عنهم عقوبة الذنب إلا بكراهية الحياة وتمنِّى الموت.

هل ثقافة الموت لدينا، والتى تحمل قنطار موروثات ومائة قنطار نسخة التدين الواردة إلينا منذ السبعينيات، عصِيّة على التطهير؟. هل المطالبة بتخفيف حدة التهديد والوعيد والترهيب والتخويف فيها شبهة حرمانية لا سمح الله؟!. هل العمل على نشر الدعوة للدين ومساعدة الناس على التدين يمكن أن يمرا عبر بوابة اسمها التسامح والمحبة والمودة والمغفرة بدلًا من التشبث بتلابيب بوابة القِصاص والكراهية والترهيب والعقاب؟.

إذا كان الطفل الصغير الذى يتربى فى كنف ثقافة «هاحرقك بالملعقة إن كذبت»، و«العَوّ هيطلع لك بالليل لو لم تغسل رجليك»، و«أبورجل مسلوخة سيقضم ذراعك إن لم تُصلِّ»، يتحول بكل تأكيد إلى شخص غير سوِىّ نفسيًا وعصبيًا، وفى حال التزم بعدم الكذب وغسل الأرجل والصلاة فسيفعل ذلك خوفًا من عقاب وليس إيمانًا بقيمة ومعنى، فما بالك بنا نحن الذين نتجرع قدرًا لا يطيقه بشر من ترهيب وتفزيع وتخويف ألحق الضرر بالدين قبل أن يضر المتدينين؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجديد خطاب الموت تجديد خطاب الموت



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon