توقيت القاهرة المحلي 10:38:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان ماكيت المنطقة

  مصر اليوم -

لبنان ماكيت المنطقة

بقلم : أمينة خيري

قلوبنا مع لبنان، فنحن لا نملك سواها. قد ترسل الدولة مساعدات، لكن يظل الجميع- ربما بمن فيهم اللبنانيون أنفسهم- لا يملكون سوى تضامن القلوب والتضرع إلى السماء من أجل الغوث والنجاة. صحيح أن الشتاء العربى يضرب المنطقة بلا هوادة منذ ما يزيد على عقد، وصحيح أن الضرب تعود جذوره إلى سنوات وربما قرون طويلة مضت، وبعضه وارد الخارج والبعض الآخر صناعة محلية بخبرة إقليمية، لكن كل دولة من الدول العربية تحاول أن تنجو بنفسها بطريقتها. وحتى نتسم بقدر من الواقعية، فلا جامعة عربية ستجدى أو منظمة أممية ستسمن من تشرذم وتفتت وتحزب وتأسلم. لذلك فإن المساعدات الإغاثية الآنية لن تغير الوضع فى لبنان كثيراً. ستمر الكارثة كما مر غيرها، وسينهض اللبنانيون ليعاودوا نشاطهم اليومى لأن تمسكهم بالحياة والبقاء طالما كان وسيبقى قوياً وأبياً. لكن تبقى المعضلة اللبنانية المستعصية عصية على الحل أو حتى الحلحلة، لماذا؟ لأنها بالغة التعقيد والتشابك لدرجة تجعل فهمها أمراً شبه مستحيل. وأذكر أننى قبل سنوات طويلة سألت صديقتى اللبنانية العزيزة بيسان سؤالاً بريئاً لدرجة السذاجة مفاده أننى مازلت لا أفهم أسباب اندلاع الحرب الأهلية فى لبنان وعوامل بقائها مشتعلة لمدة 16 عاماً كاملة! لم تسهب بيسان فى شرح العوامل الطائفية والسياسية أو التأجيجات الخارجية أو المصالح الشخصية، بل قالت: لا أخفيك سراً أن أهل لبنان أنفسهم لا يعرفون الأسباب الحقيقية. بالطبع تم تأليف كتب ومجلدات عن الأسباب، لكن التشابك والتعقيد أكبر من أى محاولة للفهم. فى عام 1975 وقت اندلاع الحرب، كان تعداد لبنان 2.5 مليون نسمة، قضى منهم فى الحرب 120 ألفاً وهاجر نحو مليون! كل ما يمكن قوله عن الحرب الأهلية أن انتعاش الميليشيات ووهن الدولة وغلبة المصالح أججت الحرب وأبقت عليها مشتعلة. اليوم، ومع اتضاح الصورة كاملة واضحة دون رتوش، فإن ما يجرى فى المنطقة ليس مقاومة من أجل تحرير فلسطين، ولا هو جهاد من أجل غلبة دين، ولا هو صراع شعوب من أجل إعلاء الديمقراطية. صحيح أن جانباً مما يجرى يبدو كذلك، لكنه أبعد ما يكون عنه. فأحد لا يذكر كلمة فلسطين فى جملة مفيدة إلا حين تتخذ إسرائيل إجراء أو قراراً، نهبهب عقبه لبعض الوقت ثم نعود إلى سابق أشغالنا. حتى الإخوان وأقرانهم من دواعش وسلفيين وجماعات متأسلمة لم تبدأ بعد زحفها المقدس صوب القدس، بل جل زحفهم وكل جهادهم مُركّز فى بلاد المسلمين. فالمسلمون يقتلون المسلمين. حتى نظريات المؤامرة السخيفة اللزجة حول الغرب الذى لا شغلة أو مشغلة له إلا التآمر ضدنا لكسر شوكتنا المهيبة صارت مضحكة، لكنه ضحك كالبكاء، فلبنان ماكيت مصغر للمنطقة، وانفجار الماكيت يسرع من انفجار المنطقة. رحم الله الشهداء، وليس هناك المزيد من الكلام ليقال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ماكيت المنطقة لبنان ماكيت المنطقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon