بقلم : أمينة خيري
الصين دولة منكوبة حاليًا. وما تتعرض له من تفشٍ لفيروس كورونا المستجد ٢٠١٩ أو «كوفيد- ١٩» أمر رهيب. ودعونا نَنْأَ بأنفسنا عن هطل «انظروا ماذا فعل الله بهم لأنهم ليسوا مسلمين»، وإصدار أحكام دنيوية بالإنابة عن أحكام السماء، حيث «إنه عقاب الله على ما فعلوه بمسلمى الإيجور»، ولاسيما أننا كنا سنسارع إلى وصف ما يجرى بـ«ابتلاء المؤمن» لو كانت الصين دولة مسلمة، ناهيك عن تصدير ودن من طين وأخرى من عجين في حال كان الإيجور المتضررون غير مسلمين. وبالإضافة إلى المستشفى المجهز بالكامل الذي شيدته الصين في ستة أيام في شهر يناير الماضى، فإن الدروس المستفادة مما تمر به الصين ودول عدة في العالم كثيرة. أمس الأول، الثلاثاء، نشرت الصين- وهى في عز أزمتها- دراسة هي الأكبر، تحوى تفاصيل نحو ٤٤ ألف حالة إصابة بالفيروس. الدراسة العلمية القائمة على حالات حقيقية خلصت إلى أن ٨٠ في المائة من حالات الإصابة بالفيروس بسيطة، وأن الأكثر عرضة لمضاعفات وخطورة هم المصابون بأمراض أخرى والمسنون. نسبة الوفاة تأثرًا بالمرض بلغت 2.3 في المائة من حالات الإصابة، وهى نسبة بالغة الأهمية لتقييم خطورة الفيروس. نقطة أخرى مهمة خلصت إليها الدراسة هي أن الطاقم الطبى الذي يتعامل مع المصابين بالفيروس يعدون ضمن الفئات الأكثر عرضة لخطر التقاط الفيروس. المنحنى الوبائى للفيروس- بحسب الدراسة- يشير إلى أن الذروة كانت بين يومى ٢٣ و٢٦ يناير، وبدأ المنحنى في الهبوط في ١١ فبراير الجارى. ولماذا تباطأت وتيرة الإصابات؟ لأنه- وبحسب التفكير العلمى وليس تحليل الخبراء الاستراتيجيين أو المذيعين الوطنيين أو منظّرى «فيسبوك» و«تويتر»- تم عزل مدن بأكملها في وقت مبكر، ونشر المعلومات المهمة الخاصة بالفيروس والتوعية والتأكيد والتكرار على أهمية غسل اليدين بصفة مستمرة، وارتداء الأقنعة، والمسارعة للحصول على الرعاية الطبية عبر قنوات تم تحديدها وإعلانها، مع جاهزية فرق الاستجابة الموجودة للتعامل مع الأزمات ضمن تخطيط مسبق للتعامل مع الكوارث من هذا النوع. درس آخر يكمن في التخطيط لمواجهة الأزمات والكوارث، منعًا للتخبط واتقاءً لشرور الهلع والفوضى. وصحيح أن الدعاء يرد البلاء، لكن الصين لم تكتفِ بالدعاء فقط، أو تشغل القنوات باستضافة خبراء يوجهون الملايين لكيفية الدعاء وأصوله في هذه الأزمة، بل استغلت الوقت والجهد في نشر الوعى ومواجهة الفيروس بالعلم والتجهيزات الطبية الآنية. وبينما تمضى الصين في كارثتها- العابرة للحدود- تطور أساليب تطويق الوباء وتحدثها. وقبل ساعات، أعلن إقليم «هوبى» في وسط الصين أنه سيجرى فحص سجلات كل من أصيب بارتفاع درجة الحرارة واشترى أدوية سعال وحمى بلا وصفات طبية، سواء من الصيدليات أو الإنترنت.. هؤلاء سيخضعون لفحوص طبية، وقد يخضع البعض للعزل الطبى، وهو ما يكشف توافر المعلومات الدقيقة الخاصة بـ«من فعل ماذا ومتى»!.