توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التدين الجديد والتحرش القديم

  مصر اليوم -

التدين الجديد والتحرش القديم

بقلم : أمينة خيري

حلحلة منظومة التحرش فى الألفية الثالثة فى مصر لن تنجح إلا بمواجهة المسكوت عنه. علاقة «التدين الجديد» بـ«التحرش القديم» يجب فهمها وبحثها ومواجهتها دون مواربة أو مجاملة. ومنعاً للبس واتقاء لشرور «رمى الشنطة على الأرض وفيها كتاب الدين»، فإن «التدين الجديد» هو تلك النسخة من تفسير الدين على هوى البعض من غير أهل العلم أو البعض ممن سمحوا لأنفسهم باحتكار الدين لحسابهم. وهذا الهوى هو ما أوقعنا فيما نحن فيه الآن من شرعنة التحرش وازدراء النساء، وتحويلهن إلى أدوات جنسية ينبغى تخزينها لحين الاستخدام، وصناعة نظام طبقى نسائى بناء على ما ترتديه الإناث بمن فيهن ابنة الخمسة أعوام، وكل ذلك مغلف فى ورقة سوليفان كتلك التى تحمى قطعة الحلوى (الأنثى) من تكاثر الذباب (الرجال)، وكل ذلك مغلف بجلباب الدين.

جلباب التفسير الدينى المغلوط وعباءته اللذان يهيمنان على تفسير كل ما يتعلق بإناث مصر أعطيا الحق والذريعة للمتحرش، وأحياناً شجعا عليه. لقد استشرت فى مصر على مدار نصف قرن نسخة مشوهة صنعها وروجها واستساغها عدد لا بأس به ممن ارتضوا استبدال الثقافة المصرية بأخرى وارد الخارج. واعتنقوها وكأنها دين. ونشروها وكأنها فرض. وأكدوا على ضرورة وصولها إلى كل بيت مصرى وكأن مصر حتى سبعينيات القرن الماضى كانت تعيش فى عصور الجاهلية الأولى، ثم دخلها الإسلام فاعتنقته فى أواخر السبعينيات من القرن العشرين، أى بعد نزول الإسلام بنحو 1400 عام!

وشبت أجيال على هذا الشكل الجديد من التدين، حتى نشأ الأطفال الذين يصطحبهم آباؤهم إلى صلاة الجمعة على خطب ظاهرها «تكريم للمرأة» وقلبها وعقلها وباطنها تحويلها إلى أعضاء جنسية تمشى على الأرض. والحقيقة أن تأمل الأطفال فى شوارع مصر حالياً وهم يتحرشون بطفلات وشابات ونساء (وغالبيتهن المطلقة محجبات ومنتقبات)، ولو حتى بالنظر إليهن نظرات تخلو تماماً من البراءة، ليس مرده الوحيد الأفلام الرديئة ومشاهد الاغتصاب والإغراء... إلخ. فالخطب التى كانت تذاع من على المنابر، والقنوات والبرامج الدينية التى أصبحت موضة التسعينيات والألفينات ويتخذ الكثير منها المرأة والشهوة وأوضاع النكاح وقواعد الجمع بين الزوجات واحتياجات الرجال الجنسية غير المتحكم فيها، ورغبات الرجال الجنسية التى هى فطرة غير خاضعة للتهذيب، وشهوات الرجال التى هى دليل على الفحولة وعلى الرجل أن يفخر بها جميعها ساهم فى تحويل المجتمع المصرى إلى ما هو عليه الآن.

والدعوة إلى ترشيد المكون الدينى فى علوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد والنفس والطب والهندسة والأنثروبولوجيا والبحار والأنهار والفلك والفضاء والزراعة والصناعة وغيرها ليست دعوة للابتعاد عن الدين، بقدر ما هى مطالبة بالتوقف عن خلط الأوراق خلطاً ظاهره روحانى ملائكى وباطنه دنيوى يغذى جنون الفحولة على حساب نساء مصر. وتحية إجلال للأزهر الشريف ووزارة الأوقاف اللذين يحاولان الانفتاح على القرن الـ21 ونطلب المزيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدين الجديد والتحرش القديم التدين الجديد والتحرش القديم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon