توقيت القاهرة المحلي 09:48:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصف قرن من الانهيار

  مصر اليوم -

نصف قرن من الانهيار

بقلم : أمينة خيري

ما جرى فى مصر على مدار نصف قرن جدير بالبحث لعلنا نخرج بدروس تقينا شرور اللدغ من جحر مرتين وثلاثًا. نصف قرن من السكوت عن- أو الترويج- لخطاب ثقافى قالوا إنه دينى مستورد لا يمت لمصر والمصريين بصلة أدت بنا إلى ما نحن فيه اليوم من مسخ اجتماعى وقبح معيشى. نصف قرن من السكوت عن فصام المجتمع المتدين بالفطرة الفهلوى بالسليقة أدت إلى ما نحن عليه اليوم من تصنيف فساد الكبار باعتباره فسقاً وفجوراً، وفساد الصغار باعتباره «تقليب رزق» و«أكل عيش». نصف قرن كانت كفيلة بتحول مفهوم العمل من إنتاج وابتكار إلى تعليم صورى بغرض «السمسرة». اليد العليا فى سوق العمل لـ«السمسرة». وتبدأ من شراء موبايل من شارع عبد العزيز وبيعه بأعلى من سعره لصديق، وتمر باحتراف بيع وشراء السيارات المستعملة، وتنتهى ببيع العقارات والوحدات السكنية ذات الأسعار الخرافية حيث العمولة مُرضية ومتطلبات الوظيفة لا تخرج عن إطار الهندام والقدرة على الكلام والإقناع. ومن يعجز عن السمسرة فى «الأشياء» يسمسر«فى أملاك الحكومة ومتاعب الناس: «سايس» يتحكم فيمن يوقف سيارته أين؟ وبكم؟ نصبة شاى تحتل حرم الرصيف، فرشة ملابس ومصدر الكهرباء عمود الإنارة، وجحافل متسولين فى كل مكان وأى مكان ومنهم الأصحاء وصغار السن والمصطحبات عشرات الأطفال والرضع، وهلُمَّ جرًّا. وفى حال الاعتراض، فإن المعترض حتمًا عديم القلب متحجر المشاعر، فهؤلاء يأكلون «عيشًا»، ولا مجال للحديث عن الدولة والقانون والبحث عن فرص عمل حقيقية، وإلا يتم تصنيفك باعتبارك شريرًا زنديقًا. نصف قرن من قلب الموازين، وانهيار المعايير، وتحول الفهلوة إلى أسلوب حياة، وانتفاء صفة الإنتاج عن العمل، وتحول الأخلاق والفضيلة والقيم إلى «رأى الشيخ» فى دخول الحمام وحكم الصلاة بالشراب ورؤية الخاطب لخطيبته، بغض النظر عما يجرى وراء الأبواب المغلقة، جعل منا ما نحن عليه اليوم. اليوم نجد من ينظر إلى ملف مخالفات البناء والتعدى على أراضى الدولة وتصحيح الأوضاع باعتباره ظلمًا وجورًا وعدوانًا على الغلابة والمساكين. اليوم نرى من يجادل ويعترض على من يجبره على العمل نظير الراتب الذى يتقاضاه. اليوم نرى لمة الناس على الميكروباص غير المرخص منزوع الأرقام الطايح فى الشارع ليترجوا الضابط أن يرأف به لأن وراء السائق البلطجى المسكين الخارج على القانون الغلبان «سبع عيال بيصرف عليهم». اليوم نرى من يهاجم المطالبين بتطبيق قوانين تنظيم الأسرة ويسميها «حرية شخصية»، لكنه لا يعتبر دعم «الحرية الشخصية» من جيوب دافعى الضرائب تعديًا على حرية دافعى الضرائب الشخصية فى المطالبة بخدمات مدفوعاتهم. اليوم نرى من كان ينتظر فتوى تخبره بأن الصلاة فى مسجد تم بناؤه على أرض مغتصبة حرام. ما تم تدميره على مدار نصف قرن لن ينصلح فى خمسة أشهر أو سنوات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصف قرن من الانهيار نصف قرن من الانهيار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon