بقلم : أمينة خيري
ما نحتاج إليه ليس تدخل الرئيس، بل عمل المسؤولين مع إخضاع الأوضاع لعمليات قياس وتقييم دورية من أرض الواقع وليس أرضيات المكاتب، بهدف إصلاح المعيب وتحديث الأداء.
المراحل الانتقالية تحتاج متابعة دورية، والمتابعة ليست عيبًا، كما تحتاج تقييمًا، والتقييم ليس تشكيكًا أو نَيْلًا من هيبة الدولة، كما تحتاج ولاءً للشعب وإيمانًا بأنه السيد، وهذا ليس مِنّة أو شعارًا. ومحتوى التقييم يجب ألا يكون الغرض منه توصيل رسالة أن «كله تمام»، في حين أن بعضه فقط تمام أو لسد خانة.
خانات عديدة تحتاج تقييمات وتصويبات. وهذا لا يعنى النَّيْل من سمعة أو مكانة أحد، لكنه يعنى أننا جميعًا مسؤولون ومواطنون بشر نخطئ ونصيب.
وحيث إن الأجواء مُهيَّأة لمراجعات وتصويبات، فعلينا أن نهدأ قليلًا، ونؤجل المعايرات والصراعات وهوجة «لم يكن التصحيح ليحدث إلا بمجريات الأيام الماضية» أو «وإيه اللى صحّى الحكومة ومجلس النواب فجأة»، التي تحفل بها مواقع التواصل الاجتماعى.
مجتمعيًا، نحتاج تقليل الاحتكاكات والاحتقانات الطبقية. الطبقات القابعة في قاعدة الهرم قهرتها الأسعار الملتهبة، وتجنى ثمار عقود إهمال التعليم والتأهيل لسوق العمل، فلم تجد مَن يحنو عليها سوى التوك توك والأعمال الهامشية غير المعترف بها، التي تضمن ملء البطون اليوم ولا تبنى دولة أو شعبًا. والطبقة المتوسطة تشعر بغبن شديد، حيث العدالة الاجتماعية دهستها، والضرائب التي تسددها من رواتبها المحدودة تذهب للفقراء وتمول عمليات الإنجاب الدائرة رحاها دون هوادة.
والهوادة الشديدة في مسألة تجديد وتطهير الخطاب الدينى، أو بالأحرى موت تجديد الخطاب، تدفع بنا نحو الهاوية. الفكر الدينى المغلوط مازال مسيطرًا، وتدخل التفسيرات الدينية المتشددة متغلغلة في الدولة والشارع بشكل لا تخطئه عين.
والعين المتابعة تدرك تمامًا كم المشروعات الهائل الذي يتم تنفيذه، وأبرزها مبانٍ سكنية لكل الفئات، طرق وكبارى وأنفاق، تطوير التعليم، الكهرباء، القضاء على فيروس سى ونظام التأمين الصحى الجديد، وملف العشوائيات. لكن العين نفسها تدرك كذلك أن عشوائية الفكر والسلوك وليس السكن بالضرورة مازالت مهيمنة، وهو ما يعنى حتمية إيلاء الاهتمام السريع والبالغ للعنصر البشرى. يد القانون العادل والناجز، ومعها ذراع التوعية والتثقيف والتعليم، قادرتان على تحقيق المراد، مع العلم بأن مَن ينفذ القانون يحتاج القدر نفسه من التوعية بمعنى القوانين وأهميتها ضمانًا لاستدامة التطبيق وليس موسميته.
الحياة السياسية تحتاج قبلة الحياة عسى أن ينبض قلبها من جديد. حزب يمثل الأغلبية يستخدم الأدوات السياسية وليس كراتين الطعام، وأحزاب مدنية خالصة لا دين فيها، ذات برامج ورؤى تعبر عن مختلف الانتماءات.
وأخيرًا وليس آخرًا، الشعب يريد إعلامًا حقيقيًا لا هيكليًا أو أحاديًا، مع الأخذ في الاعتبار أن طبيعة العصر الرقمى تجعل من الحجب والمنع المستحيل الرابع بعد الغول والعنقاء والخِلّ الوفى