توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رمضان «حاجة تانية»

  مصر اليوم -

رمضان «حاجة تانية»

بقلم:أمينة خيري

لسبب ما أصبح شهر رمضان، ومع قدوم كل عام، مناسبة تستدعى نوستاليجيا الماضى. ربما يكون ذلك نتيجة طبيعية للتقدم فى العمر والميل الطبيعى للماضى والحنين لما ومن رحلوا عن دنيانا فى هذه الأيام التى تتلون بألوان العادات والتقاليد والطقوس الرمضانية. وربما لأن الأكبر سنًا غالبًا يعتبرون أن أيامهم كانت أوفر خيرًا وأكثر صدقًا وأعمق معنى. أتذكر رمضان وقت كان مرتبطًا بفوازير التلفزيون. نيلى وشريهان على رأس القائمة. وأتذكر أن والدتى رحمها الله كانت لا تعترف إلا بفوازير ثلاثى أضواء المسرح: جورج وسمير والضيف أحمد.أما والدى رحمه الله فظل طيلة حياته عدوًا للتلفزيون. لم يقتنع يومًا بقيمته الترفيهية أو التوعوية أو غيرهما. الراديو كان سيد الموقف فى بيتنا. إذاعة بى بى سى العربية كانت تصدح فى كل ركن من أركان البيت، وفى رمضان كان يسمح لنا بتناول طعام الإفطار فى صحبة فوازير آمال فهمى التى كنا جميعًا نجتهد فى حلها.

كنت أفضل رمضان الصيفى لأنه كان يسمح لنا بمشاهدة قليل من التلفزيون بعد الإفطار، فى حين كان رمضان الشتوى يفرض أحكامًا صارمة على المشاهدة، باستثناء يومى الخميس والجمعة. ورغم ذلك، كان رمضان خفيفًا على القلب جميلًا بكل المقاييس. ولم لا، وجيراننا من المسيحيين يرسلون لنا أطباق الأرز باللبن والقطايف والكنافة طيلة أيام الشهر، وهى الأطباق التى تعود محملة بالبسبوسة والبقلاوة والمهلبية. كان هذا فى زمن ما قبل تغلغل الجماعات الدينية باسم الأعمال الخيرية والمستوصفات وجمع أموال «تبرع يا أخى المؤمن لبناء مسجد» على مدار عشرات السنين دون أن يعرف أحد لهذا المسجد أرضًا أو وطنًا أو عنوانا.

وكان هذا أيضًا قبل أن يقوم هؤلاء بزرع ونثر بذور استلاب العقول بالذقون. كان هذا قبل أن يأخذ هؤلاء على عاتقهم تحويل الدين من ترغيب إلى ترهيب، ومن دعوة مبتسمة للالتزام بالأخلاق إلى صارخ عابس متجهم مع التلويح المستمر بالنار وجحيمها والعذاب وآلامه. لذلك، حين أتحدث مع الأصغر سنًا عن مجتمع مختلف قلبًا وقالبًا، يرمقنى وكأننى أتحدث عن بلد غير البلد ومجتمع غير المجتمع. كان المجتمع أكثر تدينًا، بالمفهوم الأخلاقى للدين، لكن أكثر مدنية وليبرالية. رمضان زمان كان فيه برامج دينية جميلة تتحدث عن أخلاق الصائم والغاية الروحانية من الشهر الكريم وصلة الأرحام وقيم التعاطف والتكافل وغيرها، أكثر بكثير من ملابس النساء وصوت النساء ومشية النساء وتصرفات النساء، وكأن الشهر مقسوم إلى نصفين، واحد للنساء وآخر للصوم ومتطلباته الروحانية. ظل رمضان مرتبطًا فى الأذهان بأصوات المقرئين والمنشدين المصريين المميزة والتى تدخل القلب فورًا لأنها تتمتع بالسماحة واللين، ولا تعرف الترهيب أو التخويف. كانت تخاطب القلوب الطيبة الراغبة فى التقرب إلى الله حبًا وعشقًا، لا خوفًا وخشية. رمضان بالفعل فى مصر «حاجة تانية» والسر فى التفاصيل التى أنوى الخوض فيها على مدار الشهر. رمضان كريم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان «حاجة تانية» رمضان «حاجة تانية»



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon