توقيت القاهرة المحلي 06:15:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كراهية التخصص

  مصر اليوم -

كراهية التخصص

بقلم:أمينة خيري

الاختصاص، وما أدراك ما الاختصاص. والتخصص وما أحلاه وما أجمله. يظن البعض أن عبارة «لا أعلم» أو «لا أعرف» هى عار وخزى ونقيصة، لكنها فى حقيقة الأمر من أعلى درجات العلم والمعرفة، أو فلنقل من أعلى درجات الأمانة والصراحة.

بصراحة شديدة، الطبيب الذى أراه يفتى فى الدين أو يدلو بدلوه فى القواعد الخرسانية أو يتحدث بثقة عن أسباب تسرب الماء فى حمامات جمهورية مصر العربية، لا أثق فيه طبيبا أو مهندسا أو سباكا، مهما كانت عيادته «فوق بعضها» أو أن الناس يحكون ويتحاكون عن روعته وعبقريته.

ورجل الدين الذى يفتينى فيما أقرأ ولا أقرأ، أو فيما أتابع أو أشاهد، أو فيما أفكر أو لا أفكر، أو فى كيفية دخول الغرفة أو النزول من الأتوبيس، أو الجنب الذى أنام عليه أو هوية محل الفول الذى أشترى منه فولى وفلافلى لا أتابعه أو يؤثر فى كلامه، حتى لو كان لديه ١٧ مليار متابع، وتدافع عنه كتائب وجحافل إلكترونية وافتراضية، وتعتبره مؤسسات وهيئات أقرب ما يكون إلى الخليفة أو القديس. وهذا لسبب وحيد، ألا وهو أن كل ما سبق ليس تخصصه.

والاستثناء الوحيد فى نظرية التخصص التى أتحدث عنها هى رجل الدين الذى يدعو لأبناء دينه فقط بالصحة والعافية، والنجاح والفلاح، أو يصيح ويهلل ويعتمد على الأحبال الصوتية لفرض الهيمنة، أو يستخدم الترهيب والتخويف لضمان استمرار تدين المتدينين، أو ينتهج نهج تخويف الناس من الله سبحانه وتعالى فتقوم علاقتهم به على أساس الخوف منه واتقاء غضبه، لا طلبا لحبه وكرمه ورأفته وعطفه، رجل الدين هذا شديد التخصص، لكنه تخصص تخويف وترويع وزرع الفوقية على أساس الانتماء الدينى، فهو متخصص، لكن فى زرع الكراهية.

وغالبا، يكتسب تلاميذه وأتباعه ورواد «علمه» المهارات نفسها، فتجدهم يسبّون المختلفين معهم ويشتمون من ينتهجون نهجا مغايرا. هذا النوع من التخصص «مليش فيه».

ولسبب ما، لدينا معضلة ثقافية أو تراثية فى مسألة التخصص، إذ يميل أغلبنا إلى النأى بنفسه عن قول «لا أعلم»، حال توجيه سؤال له عن شىء لا يعرفه. وهناك فرق كبير بين أن يكون الشخص ملما بمعارف ومعلومات عامة، وبين أن يدعى، أو يهيأ له أنه خبير فيها أو خطيب مفوه للحديث عنها. الأدهى من ذلك أن البيئة العامة تعزز هذه الضلالات. تخيل لو توجهت عزيزى القارئ إلى طبيب قلب، وسألته عن مشكلة فى العظام، فأخبرك أن عليك زيارة طبيب عظام، هل تنعته بالصادق الأمين، أم تصفه بالجهل وقلة المعرفة؟!.

أرى من حولى اختلاطا وخلطا غير محمودين للتخصصات. كما أستشعر خطرا من مزاج شعبى يميل إلى قبول هذا الخلط المميت حين يكون قادما من أفراد أو مؤسسات تحظى بمكانة سامية فى قلوب الجميع قائما على تخصصها الأصلى. هل وصلت الرسالة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كراهية التخصص كراهية التخصص



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon