بقلم : أمينة خيري
عزيزى المواطن ما الذى يزعجك أكثر فى صفحة الحوادث: شابة صنعت محتوى اعتبرته فئات فى المجتمع «الصالح» غير لائق؟ أم زوج ألقى بزوجته من النافذة لأنها تأخرت فى إعداد طعام الإفطار؟ أم رجل متزوج ويعمل ولديه أطفال اعتدى جنسياً على طفلة أصغر من أصغر أبنائه؟
قياساً بما يدور حولنا من أحاديث وما تموج به منصات التواصل الاجتماعى، فإن قومة أغلبنا تقوم حين تكون أنثى ضالعة فى حدث ما، لا سيما حين تخرج هذه الأنثى عن مقاييس «الأيزو» التى وضعها المجتمع المصرى لإناثه فى أواخر سبعينيات القرن الماضى لتكون أسلوب حياة.
لكن الحياة فى مصر فيها الكثير مما يستوجب صدمة كهربائية عسانا نفيق مثل أطفالنا الذين ننجبهم دون أن نتخذ تدابير كافية لنجنبهم خطر التعرض للظلم والاعتداء.
أوجه الظلم والاعتداء عديدة، منها ما يأتى من الأسرة نفسها حيث ينجب الأهل رؤوس أموال بشرية تدر حفنة إضافية من المال، أو ينجبا طفلاً ثم الثانى وبعدهما الثالث وجميعهم يعانى إعاقات بسبب عوامل وراثية ثم يمضيان قدماً فى إنجاب الرابع أملاً فى أن يمن الله عليهما بطفل صحيح ولم يراعيا منة الله الكبرى عليهما ألا وهى «المخ» الذى يعقل.
ومنها ما يأتى من المجتمع حين يغض الطرف عن طفل عامل حيث طفل الدليفرى والمكوجى والسمكرى والميكانيكى والتوك توك والمتسول والسايس وبائع المناديل وعاملة المنزل والنظافة فى الشارع وغيرهم كثيرون. هذه المشاهد التى تحيط بنا فى كل خطوة لا تؤذى مشاعر أغلبنا أو تؤلم الأحاسيس الرهيفة التى تنجرح ولا تندمل أمام أى خطوة تخطوها أنثى لم تلتزم بـ«أيزو» السبعينيات.
ومنها ما يأتى من المدرسة حيث لم يخبر أحد المعلم بأن له دوراً تربوياً وليس تعليمياً فقط، فيهين هذا ويتنمر بتلك ويتجاهل دوره كنموذج ربما يحتذى.
وبالطبع لدينا الاعتداءات بأنواعها حيث الضرب وبيننا من يحب أن يسميه «تأديباً» ومنه الحرق بالمغرفة والكى بالملعقة وغيرها. أما الاعتداءات الجنسية فنحب أن نتعامل معها من منطلق أنها «حادث فردى ولا ينتمى لمجتمعنا المتدين الملتزم» أو «حادث عادى يحدث فى جميع أنحاء العالم» أو نوجه الاتهام للطفل أو الطفلة المتحرش بها أو المعتدى عليه بدلاً من الجانى. ويا سلام لو المغتصب أو المتعدى رجل دين مثلاً كإمام المسجد الذى حٌكم عليه بعشر سنوات فقط بعدما اغتصب طفلاً عقب انتهاء درس تحفيظ القرآن، فإننا جميعاً «من بنها». أما أن نقول لأنفسنا إن لدينا مشكلة كبت ومعضلة ازدراء ومصيبة تحقير لقيمة الطفلة والطفولة، فهذا غير وارد.
وأوجه تحية إلى الصديق الفنان المثقف مجدى بدر الذى لفت نظرى قبل أسابيع إلى أهمية تعديل بعض مواد قانون العقوبات للحد من والسيطرة على أنواع بعينها من الجرائم لا سيما التى يكون الطفل فيها الضحية