بقلم : أمينة خيري
فيما يلى تذكرة لنا جميعاً بأن «كورونا المستجد» أو «كوفيد-19» زائر أو ربما ساكن جديد. معالمه رغم انتشارها لم يٌعرَف جميعها بعد، وأطواره رغم متابعتها مازالت تنضح بالجديد، وسلالاته رغم اكتشاف بعضها يتوقع أن تظل تفاجئنا لبعض الوقت. ولذلك فإن ما نعيشه – ومعنا بقية الكوكب- من لخبطة فيما يختص بإجراءات العزل، وتحديد مدد الإغلاق، وتنسيق قرارات العودة أمر متوقع تماماً حتى وإن تسبب فى انتقادات شبعية. وما نكابده من قرارات تتخذ ثم تخضع لتغييرات أو تعديلات هى شر لا بد منه مع زائر ينوى تحويل رحلته من سياحة إلى إقامة رغماً عنا مسألة طبيعية فى ظل جولات الكر والفر بيننا وبينه. والمقصود بيننا هنا هو بنو البشر سواء كانوا جماعات وأفراداً أو أنظمة وحكومات. وعلى سيرة الأنظمة والحكومات، فإنه من المتوقع أيضاً فى كل كارثة طبيعية أو تلك التى من صنع الإنسان تجتاح دولة ما- فما بالك بكوكب ما- يتم تقييم أداء النظام وحكومته بناء على تعاملهما معها. وهذا طبيعى أيضاً ومتوقع. لكن هذه المرة حيث لم يترك الفيروس دولة إلا اجتاحها أو شعباً إلا أصابه، فإن الغالبية المطلقة من التقييمات الشعبية لأداء الأنظمة وحكوماتها يرتكز على عنصر المقارنة. والمقارنة حين تكون بين دولة تنتمى إلى مجموعة العالم الأول وأخرى ضمن أسرة العالم الثالث، فهذا يعنى أن الانتقاد يتحول رغماً عنه وعن المنتقدِين والمنتقَدين إلى بكاء على ألبان الديمقراطية والعدل والرفاه والعدالة الاجتماعية المسكوبة. وحيث إن هذه الألبان تم سكبها على مدار عقود – وربما قرون- فإن البكاء عليها فى ظل جائحة تضرب الكوكب أمر مهلك ومهدر ومزعج. والمقصود هنا ليس العمل والضغط والمطالبة بدفع «العالم الثالث» نحو خانة قرينه فى «الأول»، لكن المقصود هو ترشيد الطاقة والجهد حتى لا يضيعا هباء على حائط مبكى لن يغير الأوضاع الآن. من حقنا تماماً أن نطلب الأحسن ونبتغى الأفضل. ومن واجبنا أن نضغط من أجل إحداث التغيير المنشود. لكن حين تكون المطالبة والابتغاء فى الوقت الغلط، فإنها تكون والعدم سواء. ما ضرب العالم من وباء كان أشبه بمرآة ضخمة جعلت الجميع يرى نفسه ويقيم إمكاناته ويعيد حساباته بناء على انعكاس الصورة وليس انعكاس الأمنيات أو صدى ما يقال أو بناء على صورة تم تصديرها باعتبارها الواقع. وتجدر الإشارة هنا إلى دول كبرى كنا نظنها تتربع على عرش أنظمة الكوكب الصحية لكن وجدت نفسها تعانى الأمرين- ومازالت- بسبب حداثة الفيروس وأنماط انتشاره غير المعروفة. وعودة إلى التذكرة والتى لا يراد بها قمع الانتقاد أو كبت الحلم بتعامل أفضل، لكن الغرض منها ترشيد المقارنات فى الوقت الحالى، والتركيز على ما يمكن تحسينه وتعديله فى ضوء الإمكانات المتاحة مع ممارسة الضغط الشعبى فى المجالات القابلة للتغيير حالياً.