توقيت القاهرة المحلي 06:58:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شبح الدولة الدينية

  مصر اليوم -

شبح الدولة الدينية

بقلم : أمينة خيري

ومازلنا فى الخانة نفسها، حيث الإجبار على ارتداء طرحة على رؤوس الطالبات. وأذكر أننى كتبت قبل سنوات عن مدارس حكومية عدة قررت اعتبار «الطرحة البيضاء» زيًا مدرسيًا لا غنى عنه. وهو إجبار من النوع غير المُوثَّق كتابة، لكنه متغلغل اجتماعيًا بدرجة تجعله أقوى من القوانين وأعتى من الاختيارات الشخصية. وبالطبع لم يَشْكُ أحد أو يتذمر- على الأقل رسميًا- من هذا الإجبار، وهذا مفهوم تمامًا بعدما أصبح غطاء الرأس فعليًا زيًا رسميًا للأنثى المصرية. ولست فى صدد مناقشة قضية الحجاب «الجديدة» فى مصر، والمقصود بـ«الجديدة» حداثة ظهورها وانتشارها، ومواليد ما قبل الثمانينيات يفهمون ما أقصد، إذ لم يكن غطاء الرأس حتى أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضى زيًا موحدًا بعد. وتهدئة لكل مَن تُستنفَر مشاعره وتُستفَزّ أعصابه، فيهرع إلى إشهار سلاح التكفير والتخوين فى وجه «الحرب الضَّروس ضد الدين والمتدينين»، والتى لا وجود لها إلا فى رأسه، المحشو بقوالب جامدة ثابتة تمنعه من فهم المراد بالنقاش، فإن فرض «الطرحة» زيًا مدرسيًا بالقرار الرسمى أو الاستفتاء الصحفى أو الإجبار الشفهى أو التنمر بأنواعه هو توكيد واضح وصريح أننا نتجه إلى عصر الدولة الدينية بامتياز. والمتابع لأحوال المجتمع، والذى يملك جرأة النظر فى المرآة، يعرف تمامًا أن البعض فى «المجتمع المتدين بالفطرة» بات يقدس أشخاصًا وأزياء وعادات وتقاليد أكثر من تقديسه المقدسات الأصلية، وقد تم حقن هذا البعض، (وعملية الحقن مستمرة ومستعِرة)، بالمادة الخام للعنف الفكرى والتطرف الاجتماعى، مع تزيين مبدأ التدخل فى حياة الآخرين، باعتباره «أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر». وجارٍ بشكل لا تُخطئه عين هدم جذور الدولة المدنية وتقطيع أوصالها بشكل يستحيل بعدها علاجها أو استعادتها. وليس خفيًا على أحد أيضًا الترويع النفسى الذى تمارسه قاعدة عريضة، حيث المعترض على «طرحة الزى المدرسى» يدعو إلى عرى البنات، والداعى إلى منع الملصقات الدينية وصور الشيوخ الملصقة على الميكروباصات وباصات النقل العام والسيارات يهدف إلى نشر الإلحاد وبث الكفر والفسق، والمعترض على أن يكون فى بهو الوزارات ومحطات مترو الأنفاق وطرقات المصالح الحكومية وأروقة المؤسسات زوايا للصلاة رغم وجود مساجد على مرمى حجر واحد وليس حجرين هو كاره للصلاة ومُعادٍ للمصلين. العجيب والغريب أن مصر قبل أن تعتنق هذا الفكر «المتدين بالفطرة» كانت أكثر تدينًا بالحجة والبرهان. والبرهان على أن التحرش قد توقف لأن الإناث وضعن طرحة على رؤوسهن، وأن الضمائر المُراعية لله فى العمل قد استيقظت والرشاوى قد انعدمت، بعد أن أصبح لكل مكتب زاوية للصلاة، لا أثر له. ألا يستوجب الأمر تدخلًا ما أو مواجهة حتمية طال انتظارها فأصبحنا شبه دولة دينية؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح الدولة الدينية شبح الدولة الدينية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon