توقيت القاهرة المحلي 18:40:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النظافة من الحياة

  مصر اليوم -

النظافة من الحياة

بقلم : أمينة خيري

كثيرًا ما تتحول تفاصيل الحياة من حولنا إلى أشياء عادية بعد مرور الوقت. قد تكون هذه التفاصيل فى بداياتها غريبة أو مثيرة أو سخيفة أو حتى مثيرة للقرف والغثيان، لكن مرور الوقت مع عدم التدخل للتغيير أو التعديل يجعلها أمورًا عادية قلما تزعج أحدًا. خذ عندك مثلاً النسق- أو بالأحرى اللانسق المعمارى- فى مدننا. أتحدث عن المبانى الحديثة التى يقرر أصحابها أن يمزجوا طرزا رومانية مع إسلامية وقليلاً من الحداثة وقدرًا من السريالية ليخرج المبنى لائقًا بسكن الزومبيز وعائلاتهم. حتى عمليات طلاء واجهات البيوت تغلب عليها العشوائية وعدم الاتساق بشكل يؤرق دافينشى وبيكاسو ومحمود سعيد فى قبورهم.

والقبور ليست حكرًا على الأموات، فبيننا من لا يتضرر من صبغ الحياة بتصرفات تسلبنا قيمة الحياة. قبل أيام، قالت صديقة إنها دخلت الحمام فى أحد المطارات، فوجدت مجموعة من عاملات المنازل الفلبينيات المسافرات إلى وجهة عملهن وقد انهمكن فى غسل وجوههن، ثم تنظيف أسنانهن، حتى امتلأ المكان برائحة النظافة. تعليق الصديقة دار فى محور الربط العجيب الغريب المريب الذى يربطه بعضنا بين قلة النظافة، سواء الشخصية أو العامة، ومستوى الغلب والفقر والقهر. فما إن تنتقد تقصير البعض فى نظافتهم ونظافتهن الشخصية فى عربة مترو الأنفاق، حتى يهب عليك أعضاء حزب «آه يا بلد الفقير فيك مظلوم ومقهور ومسحول» و«كيف يمكن للفقير أن ينفق آلاف الجنيهات على البرفانات الباريسية؟!». ملحوظة الصديقة جاءت فى محلها تمامًا. فالمطلوب ليس الحصول على قروض بنكية لشراء العطور الفرنسية. فالاستحمام يكفى، والنظافة الشخصية بعد دخول الحمام تغنى. كثيرون منا مقصرون فى حق أنفسهم فى هذه النواحى، وهذا التقصير ليس حكرًا على فئة أو قطاع. وربط التقصير فى النظافة الشخصية بالمستوى الاقتصادى إهانة للجميع ومهانة للعقل والمنطق وتشجيع مبطن للبعض بأن يمضى قدمًا فى الاستهانة بنظافته وصحته وصحة الآخرين.

وعلى سيرة الصحة، شهدت معركة كلامية بين بائع الأجبان فى سوبر ماركت وأحد الزبائن، إذ كان البائع يحمل «صفيحة» جبن يملؤها الصدأ من الخارج، وبعد ما وضعها مكانها، جفف عرقه بيده، ثم هرع ليرتدى القفاز البلاستيكى «المستعمل» ليستأنف البيع. وحين طالبه الزبون بغسل يديه، رد مستهزئاً: هو أنا هاعمل عملية جراحية؟!

العملية الجراحية الحقيقية المطلوبة هى إصلاح هذا العوار فى التفكير، وهو لن ينصلح بتطبيق القوانين التى تعاقب على إلقاء القمامة فى الطريق (فتطبيق مثل هذه القوانين وغيرها من مرور وغيره ميت إكلينيكيًا)، لكنها تأتى عبر التعليم الذى نقاوم إصلاحه بكل ما أوتينا من عناد، وعن طريق الخطاب الدينى، حيث توزيع عادل للقضايا بدلاً من التركيز فقط على النقاب وعذاب القبر وحكم التاتو والقوافل الدعوية فى الساحل. النظافة ليست فقط من الإيمان، لكنها حياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظافة من الحياة النظافة من الحياة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon