بقلم : أمينة خيري
شابات على «تيك توك» يتمايلن ويضحكن. فاسقات ساقطات وعلى الدولة أن تتخذ اللازم تجاههن. شباب فى مقاطع فيديو يتحدثون عن فتوحاتهم الجنسية وخيالاتهم المريضة. ضحكة من القلب يعقبها تعليق بنبرة الأب: شباب وعايشين سنهم. شاب يفرض نفسه على شابة فى الشارع ويصر على دعوتها على فنجان قهوة ويمعن فى إصراره أمام رفضها وتصويرها له. أكيد لابسة لبس مخل. تستاهل! وهى تقف فى الشارع ليه؟! وكمان بتصوره؟! لازم يرفع عليها قضية تشهير. إلحق واحدة لابسة فستان نصف كم. ست غير محترمة ولو اتحرشوا بها يبقى عندهم حق. إلحق واحدة لابسة بنطلون كأنه مش موجود. يا أخى حرام عليك. على الأقل مغطية شعرها. شاب إتحرش بعشرات الشابات واغتصب بعضهن وهددهن جميعن بنشر صور عارية مركبة لهن لو لم يذعن لطلباته الجنسية. أكيد شجعوه. ياريتنى كنت أنا إللى اغتصبت كل دول. يستاهلوا كده وأكثر، تلاقيهم بيلبسوا عريان. العيب على أهلهم إللى بيسيبوهم يلبسوا لبس مش محتشم والشباب مسكين. بس البنات فضحوه ونشروا له مكالمات الابتزاز. دول بنات ماعندهمش حياء ويستاهلوا إللى إتعمل فيهم. لازم يرفع ضدهم قضية تشهير. ده فى النهاية شاب فى مقتبل حياته ومستقبله هيضيع. أين شرطة الإنترنت؟ لماذا لم تتحرك بسرعة كما تتحرك فى دقائق مع فتيات تيك توك؟ حرام عليكم، ده شاب مش شوية بنات رخاص يستاهلوا إللى يجرالهم. وهى الشرطة فاضية لإيه ولا إيه؟!
ونمضى قدماً فى مصر وقد تحول المجتمع بفئاته العريضة إلى جماعة ضخمة تأمر بـ«المعروف» طبقاً للمفاهيم المستوردة والثقافات الهجينة وكل ما له صلة بالمظهر المتدين منزوع الجوهر خالى من الأخلاق «وتنهى عن المنكر»، وما المنكر فى نظر الملايين فى مصر فى الألفية الثالثة إلا كل ما يتعلق بالأنثى غير المطابقة للمواصفات التى سنتها وشرعنتها الشعبوية الدينية التى غزت مصر فى نهاية سبعينات القرن الماضى.
القرن الماضى الذى شهد ترسيخاً للمرأة والفتاة والطفلة المصرية باعتبارهن كائنات بشرية تتعلم وتعمل وتفكر وتبتكر وتبنى المجتمع ويتعامل معها المجتمع على هذا الأساس وليس من منطلق كونها عورة ومصدراً للشهوات ومكمناً للشياطين. اليوم ونحن فى عام 2020 يمكن القول إن قطاعات عريضة جداً جداً من المجتمع الذى تشبع واعتنق وأدمن الخيالات المريضة التى تم الترويج لها باعتبارها تفسيرات دينية (والدين منها برىء) يمضى قدماً فى ترسيخ صورة المرأة المصرية ومكانتها لتتطابق ونساء أوروبا فى العصور الوسطى. سلع تباع وتشترى، روبوتات بشرية الغاية منها تقديم الخدمات الجنسية، عرائس «فلة» يضع القائمون على أمرها مقاييس ما ترتدى وما لا ترتدى، ناهيك عن شيطنتها بحيث يتم تحميلها إخفاقات المجتمع دائماً وأبداً. وللأسف الشديد، فإن أغلب ما يقال عن «نصف المجتمع» و«عظيمات مصر».. إلخ، يقال للاستهلاك اللفظى والعبرة بالشارع.