توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"مصريين رايتس ووتش"

  مصر اليوم -

مصريين رايتس ووتش

بقلم - أمينة خيري

هي منظمة دولية غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، مقرها نيويورك وتأسست في سنة 1978 للتحقق من أن الاتحاد السوفيتي يحترم اتفاقية هلسنكي، وهي الاتفاقية التي وقع عليها رؤساء 35 دولة أوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

تحوي الاتفاقية مبادئ فض النزاعات بالطرق السلمية، واحترام سيادة الدول، وضمان حقوق الأفراد، وتحمل في مجملها مبادئ لا تجيز تغيير الحدود الدولية لأوروبا.

وكانت فنلندا قد استضافت الدول الأعضاء في مؤتمر تاريخي؛ بعدما دعا الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون؛ لبدء عصر جديد من الوفاق مع الاتحاد السوفيتي - الذي كان أحد قطبي العالم آنذاك - وتطورت مهمة المنظمة الحقوقية من مراقبة امتثال دول الكتلة الاشتراكية لمبادئ حقوق الإنسان إلى منظمة دولية نمت في مناطق عدة من العالم.

ولأن مهام "هيومان رايتس ووتش" الرئيسية هي "رصد ما تقترفه الحكومات من انتهاكات في مجالات حقوق الإنسان"، فهي "غالبًا" تقف على طرف نقيض من الأنظمة، وهو ما يعني أيضًا أنها تجد نفسها - وربما توجد نفسها على الجبهة - مع جموع النشطاء والحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومنهم من يؤمن بما يفعل، ومنهم من يرتزق أو يفتئت أو حتى يفتت دولاً بما يفعل.

"هيومان رايتس ووتش" تصدر تقارير تغضب الدول منذ عقود، وكم من تقرير صدر عن مصر على مدار سنوات طويلة غالبيتها المطلقة انتقد أوضاعًا حقوقية، وندد بحريات اعتبرها مقموعة، وطالب بشفافية رآها غائبة.

وظلت لعبة القط والفأر بين "هيومان رايتس ووتش" من جهة ومصر (وغيرها من الدول) قائمة بشكل كلاسيكي، حيث مهمة المنظمة الانتقاد ومهمة الأنظمة الدفاع.

إلا هبوب رياح الربيع الملبدة بغيوم شتوية مموهة في عام 2011، جعل من مثل هذه اللعبة معركة محتدمة، تبدو فيها آثار التربص واضحة وأمارات التصيد بائنة.
وبينما مصر تمر بمرحلة غير عادية، وتخوض حربًا استثنائية تهدد كيانها - ومن ثم الكيان العربي برمته - إذ بتقرير "هيومان رايتس ووتش" عن نقص الإمدادات الغذائية لسكان شمال سيناء، وتتهم الدولة المصرية بأنها تشن عملية "غير قانونية" في سيناء!!

وحسب توصيف مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة السيدة سارة ليا ويتسن؛ فإن "أي عملية لمكافحة الإرهاب تعرقل وصول السلع الأساسية إلى مئات الآلاف من المدنيين؛ هي غير قانونية، ومن المستبعد أن تنهي أعمال العنف"، كما رأت "أن الجيش المصري يميل إلى العقاب الجماعي في شمال سيناء"، بل وصفت حرب مصر ضد الإرهاب في سيناء بأنه "واقع مشين".

"الواقع المشين" الذي تنتقده "هيومان رايتس ووتش" هو مشين بالفعل؛ لماذا؟ لأنه لا التقرير ولا السيدة واتسن ساعدتنا في إيجاد بدائل سلمية لطيفة خفيفة ظريفة لمواجهة ترسانات أسلحة، وانتحاريين يفجرون أنفسهم تارة، ويفجرون آخرين تارات، ويسعون للتمدد في أنحاء البلاد، ولا يمانعون في قتل العباد، ويحللون القضاء على الدولة من ألفها إلى يائها، وذلك في حرب شعواء في مناطق جغرافية شديدة الوعورة، وأنفاق أشبه بالمدن تحت الأرض، ومصادر تمويل لا أول لها أو آخر.

آخر ما يمكن توقعه هو أن يكون هناك أوجه شبه بين مشهد عبقري ورد في فيلم "مرجان أحمد مرجان" وبين تقارير "هيومان رايتس ووتش"، وتحديدًا مشهد الاختبار الشفهي في الجامعة، حيث كان الطلاب يخضعون لأسئلة بالغة الصعوبة والتعقيد باللغة الإنجليزية. وحين حان دور "مرجان" سأله الممتحن: ?What is your name

والشيء بالشيء يذكر، فقد أعلنت "هيومان رايتس ووتش" قبل أسابيع أن الأزمة في قطر (الحصار) حفزتها (قطر) لإجراء إصلاحات حقوقية مهمة، وأنه في حال بلورة هذه الإصلاحات فعليًا، فستكون أكبر المعايير الحقوقية تقدمًا في منطقة الخليج، ولكنها لم تحدد أسماء دول بعينها.

أسماء الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس التوجهات، وكما ذكرت، فإن بين الحقوقيين والنشطاء من يدافع عن حقوق الإنسان - التي هي ليست في أبهى حالاتها- لأنه يؤمن بما يفعل؛ حتى لو اختلف معه البعض في التوقيت أو الأسلوب، ومنهم كذلك من يفعل ذلك؛ لأنها مهنته وأكل عيشه! الأيام القليلة التي سبقت ظهور التقرير شهدت نقاشات في دوائر محلية مغلقة حول الأوضاع المعيشية في مدن بشمال سيناء.

وبعيدًا عن التفاصيل، إلا أن ردود الفعل على ما ذٌكِر عكس ما يمكن أن تفعله التوجهات والأيديولوجيات والمواقف السياسية قبل أيام قليلة من صدور التقرير، كتب صديق عن الأوضاع المعيشية في شمال سيناء، وأن الحياة قاسية للغاية، والحصول على السلع الغذائية أمر صعب للغاية، وغيرها من التفاصيل.

ردود الفعل تراوحت بين تصحيح من قبل البعض من سكان شمال سيناء عن حقيقة الأوضاع وتوافر السلع، حيث البعض يؤكد أنها ليست بهذا السوء، بل إنها تحسنت في الأسابيع القليلة الماضية في ظل ظروف الحرب على الإرهاب، والبعض الآخر لم يألُ جهدًا في دس كلمات وعبارات مثل "الانقلاب" و"لو كان الرئيس الشرعي في سدة الحكم" و"حكم العسكر".

لكن الأغرب والأعجب أن آخرين - ممن لم تطأ أقدامهم أرض شمال سيناء - اتخذوا مواقف حاسمة وحازمة تؤكد أن الأوضاع بائسة والأحوال يائسة؛ من مدفوعين بمواقفهم السياسية وأيديولوجياتهم الفكرية.

غاية القول أن ليس كل حقوقي خائنًا، ولا كل تقرير خائبًا، ولا كل تحليل خاطئًا؛ لكن واقع الحال يشير إلى أن تسييس المواقف، وأدلجة ردود الفعل في الجوانب الحقوقية فيه سموم قاتلة؛ تحتاج تثقيفًا وتعليمًا وشفافية، والاعتراف بأن مفاهيم العالم الحقوقية بها عوار.

تحتاج إلى "مصريين رايتس ووتش" دون صراخ أو تطبيل أو تمويه أو حجب أو تأميم.

نقلا عن بوابة الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصريين رايتس ووتش مصريين رايتس ووتش



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon