توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"مصريين رايتس ووتش"

  مصر اليوم -

مصريين رايتس ووتش

بقلم - أمينة خيري

هي منظمة دولية غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، مقرها نيويورك وتأسست في سنة 1978 للتحقق من أن الاتحاد السوفيتي يحترم اتفاقية هلسنكي، وهي الاتفاقية التي وقع عليها رؤساء 35 دولة أوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

تحوي الاتفاقية مبادئ فض النزاعات بالطرق السلمية، واحترام سيادة الدول، وضمان حقوق الأفراد، وتحمل في مجملها مبادئ لا تجيز تغيير الحدود الدولية لأوروبا.

وكانت فنلندا قد استضافت الدول الأعضاء في مؤتمر تاريخي؛ بعدما دعا الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون؛ لبدء عصر جديد من الوفاق مع الاتحاد السوفيتي - الذي كان أحد قطبي العالم آنذاك - وتطورت مهمة المنظمة الحقوقية من مراقبة امتثال دول الكتلة الاشتراكية لمبادئ حقوق الإنسان إلى منظمة دولية نمت في مناطق عدة من العالم.

ولأن مهام "هيومان رايتس ووتش" الرئيسية هي "رصد ما تقترفه الحكومات من انتهاكات في مجالات حقوق الإنسان"، فهي "غالبًا" تقف على طرف نقيض من الأنظمة، وهو ما يعني أيضًا أنها تجد نفسها - وربما توجد نفسها على الجبهة - مع جموع النشطاء والحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومنهم من يؤمن بما يفعل، ومنهم من يرتزق أو يفتئت أو حتى يفتت دولاً بما يفعل.

"هيومان رايتس ووتش" تصدر تقارير تغضب الدول منذ عقود، وكم من تقرير صدر عن مصر على مدار سنوات طويلة غالبيتها المطلقة انتقد أوضاعًا حقوقية، وندد بحريات اعتبرها مقموعة، وطالب بشفافية رآها غائبة.

وظلت لعبة القط والفأر بين "هيومان رايتس ووتش" من جهة ومصر (وغيرها من الدول) قائمة بشكل كلاسيكي، حيث مهمة المنظمة الانتقاد ومهمة الأنظمة الدفاع.

إلا هبوب رياح الربيع الملبدة بغيوم شتوية مموهة في عام 2011، جعل من مثل هذه اللعبة معركة محتدمة، تبدو فيها آثار التربص واضحة وأمارات التصيد بائنة.
وبينما مصر تمر بمرحلة غير عادية، وتخوض حربًا استثنائية تهدد كيانها - ومن ثم الكيان العربي برمته - إذ بتقرير "هيومان رايتس ووتش" عن نقص الإمدادات الغذائية لسكان شمال سيناء، وتتهم الدولة المصرية بأنها تشن عملية "غير قانونية" في سيناء!!

وحسب توصيف مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة السيدة سارة ليا ويتسن؛ فإن "أي عملية لمكافحة الإرهاب تعرقل وصول السلع الأساسية إلى مئات الآلاف من المدنيين؛ هي غير قانونية، ومن المستبعد أن تنهي أعمال العنف"، كما رأت "أن الجيش المصري يميل إلى العقاب الجماعي في شمال سيناء"، بل وصفت حرب مصر ضد الإرهاب في سيناء بأنه "واقع مشين".

"الواقع المشين" الذي تنتقده "هيومان رايتس ووتش" هو مشين بالفعل؛ لماذا؟ لأنه لا التقرير ولا السيدة واتسن ساعدتنا في إيجاد بدائل سلمية لطيفة خفيفة ظريفة لمواجهة ترسانات أسلحة، وانتحاريين يفجرون أنفسهم تارة، ويفجرون آخرين تارات، ويسعون للتمدد في أنحاء البلاد، ولا يمانعون في قتل العباد، ويحللون القضاء على الدولة من ألفها إلى يائها، وذلك في حرب شعواء في مناطق جغرافية شديدة الوعورة، وأنفاق أشبه بالمدن تحت الأرض، ومصادر تمويل لا أول لها أو آخر.

آخر ما يمكن توقعه هو أن يكون هناك أوجه شبه بين مشهد عبقري ورد في فيلم "مرجان أحمد مرجان" وبين تقارير "هيومان رايتس ووتش"، وتحديدًا مشهد الاختبار الشفهي في الجامعة، حيث كان الطلاب يخضعون لأسئلة بالغة الصعوبة والتعقيد باللغة الإنجليزية. وحين حان دور "مرجان" سأله الممتحن: ?What is your name

والشيء بالشيء يذكر، فقد أعلنت "هيومان رايتس ووتش" قبل أسابيع أن الأزمة في قطر (الحصار) حفزتها (قطر) لإجراء إصلاحات حقوقية مهمة، وأنه في حال بلورة هذه الإصلاحات فعليًا، فستكون أكبر المعايير الحقوقية تقدمًا في منطقة الخليج، ولكنها لم تحدد أسماء دول بعينها.

أسماء الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس التوجهات، وكما ذكرت، فإن بين الحقوقيين والنشطاء من يدافع عن حقوق الإنسان - التي هي ليست في أبهى حالاتها- لأنه يؤمن بما يفعل؛ حتى لو اختلف معه البعض في التوقيت أو الأسلوب، ومنهم كذلك من يفعل ذلك؛ لأنها مهنته وأكل عيشه! الأيام القليلة التي سبقت ظهور التقرير شهدت نقاشات في دوائر محلية مغلقة حول الأوضاع المعيشية في مدن بشمال سيناء.

وبعيدًا عن التفاصيل، إلا أن ردود الفعل على ما ذٌكِر عكس ما يمكن أن تفعله التوجهات والأيديولوجيات والمواقف السياسية قبل أيام قليلة من صدور التقرير، كتب صديق عن الأوضاع المعيشية في شمال سيناء، وأن الحياة قاسية للغاية، والحصول على السلع الغذائية أمر صعب للغاية، وغيرها من التفاصيل.

ردود الفعل تراوحت بين تصحيح من قبل البعض من سكان شمال سيناء عن حقيقة الأوضاع وتوافر السلع، حيث البعض يؤكد أنها ليست بهذا السوء، بل إنها تحسنت في الأسابيع القليلة الماضية في ظل ظروف الحرب على الإرهاب، والبعض الآخر لم يألُ جهدًا في دس كلمات وعبارات مثل "الانقلاب" و"لو كان الرئيس الشرعي في سدة الحكم" و"حكم العسكر".

لكن الأغرب والأعجب أن آخرين - ممن لم تطأ أقدامهم أرض شمال سيناء - اتخذوا مواقف حاسمة وحازمة تؤكد أن الأوضاع بائسة والأحوال يائسة؛ من مدفوعين بمواقفهم السياسية وأيديولوجياتهم الفكرية.

غاية القول أن ليس كل حقوقي خائنًا، ولا كل تقرير خائبًا، ولا كل تحليل خاطئًا؛ لكن واقع الحال يشير إلى أن تسييس المواقف، وأدلجة ردود الفعل في الجوانب الحقوقية فيه سموم قاتلة؛ تحتاج تثقيفًا وتعليمًا وشفافية، والاعتراف بأن مفاهيم العالم الحقوقية بها عوار.

تحتاج إلى "مصريين رايتس ووتش" دون صراخ أو تطبيل أو تمويه أو حجب أو تأميم.

نقلا عن بوابة الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصريين رايتس ووتش مصريين رايتس ووتش



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon