توقيت القاهرة المحلي 23:16:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الواقع غير المعيش

  مصر اليوم -

الواقع غير المعيش

بقلم - أمينة خيري

أطالع الأخبار الرصينة الموثقة المؤكدة الواردة على موقع «المصرى اليوم». أقرأ وأستوعب وينتبانى شعور بأن «كله تمام» باستثناء حادث هنا أو عطل فنى هناك أو تصريح غير موفق هنا وهناك. إنها طبيعة الأخبار الرصينة، مهما ارتفع عدد قتلى الحادث، أو تعمَّقت آثار العطل الفنى، أو توحشت تبعات التصريحات المارقة.

تحرك «الفأرة» لتطالع ما يلى قسم الأخبار الرصينة. وليتك ما فعلت! فإنك ترى حياتك بجوانبها اللعينة، وتفاصيلها المخيفة، ومكوناتها المقرفة، ونعوتها التى تسببت فى إصابتك بالضغط والسكرى وما خفى كان أعظم. «مواطن كاد يفقد حياته على مطلع الدائرى». ألا تتعرض لذلك كلما اضطررت لاجتياز هذا الطريق اللعين؟ ألا تعرف على الأقل شخصين أو ثلاثة فقدوا حياتهم على هذا الطريق؟ ألست على يقين بأن مسؤولى تأمينه ومراقبته الذين يغطون فى نوم عميق يحظون بأكبر كم من الحسبنة من المظلومين والمظلومات؟

تقرأ عن مياه الصرف الصحى التى تحاصر عقارات فى المنصورة. تتذكر فوراً آخر مرة طفحت فيها ماسورة المجارى على مقربة من بيتك. تكاد الرائحة الكرهية تزكمك. تتضامن وتتعاطف فوراً من أقرانك المحاصرين بمياه الصرف فى المنصورة.

تطالع صوراً مصحوبة بقصة خبرية عن المعاناة التى يتكبدها أهل الدقى بسبب تراكم جبال القمامة حول بيوتهم ومدارس أطفالهم. تتذكر فوراً تل القمامة القابع عند أول شارعك، وكيف أنك تنزل أحياناً فى الليل البهيم لتهش القطط بعيداً عن التل آملاً فى غد لا يأتى يحمل معه حلاً لمشكلة «كيس الزبالة» التى حلها العالم كله إلا قليلاً.

تشاهد فيديو صوَّره مواطن مصرى مقيم فى إيطاليا أثناء زيارة لمصر ركب فيها القطار الإسبانى من الإسكندرية إلى الأقصر حيث عايش رحلة قبح على مدار 12 ساعة. هباب على الجدران، حمام قذر ناقل للأمراض، ركاب يتعاملون مع القطار باعتباره عدواً يجب إلحاق أكبر قدر من الأذى به. تتذكر فوراً رحلتك الأخيرة على متن قطار الإسكندرية، وكيف أنك ظننت أن حجزك فى الدرجة الأولى يضمن لك نظافة ورحلة هادئة، فإذ بانعدام قيم النظافة يحاصرك، وتبخر قواعد اللياقة والتهذيب يكاد يقتلك.

تستوقفك صور من «أرض اللواء» تحمل أنين سكان يعانون الأمرّين من مملكة الباعة الجائلين الذين احتلوا الأرصفة وتوغلوا إلى حرم الشوارع تحت مرأى ومسمع من مسؤولى إنفاذ القانون.

فى الجزء الخاص بـ«صحافة من وإلى المواطن» تشعر أنك فى بيتك بين أهلك وناسك. إنها تفاصيل لحياتك اليومية. بينما تقرؤها لا تشعر بالحاجة إلى أن ترتدى بدلة وكرافت وحذاءً ضيقاً ببوز كما تفعل وأنت تطالع تصريح الفريق سامى عنان وهو يقول إنه مرشح مدنى وإن علاقته بالسيسى طيبة، أو إن غالبية نواب البرلمان وقَّعوا استمارات تزكية لترشح الرئيس السيسى لفترة رئاسية ثانية، أو إن حملة المرشح المحتمل خالد على تقدمت بشكاوى ضد عدد من مكاتب الشهر العقارى، أو استكمال محاكمات الإخوان، أو اعتماد دورة الأمن القومى للأئمة المتميزين، أو حتى متابعة تصريحات ترامب عن دول «الحثالة»، أو الآفاق المستقبلية لميركل، أو التوسعات الاستيطانية لنتنياهو.

كل ما سبق أخبار مهمة. لكن المواطن هرم منها وكلَّ وملَّ. هى مطلوبة وأساسية لإعلام المواطنين وإخبارهم وإشراكهم فى الحياة العامة. لكنها حين تزيد على الحد تنقلب إلى الضد. لن نأكل أخبار ترشحات، أو نرتدى خناقات توكيلات، أو نُعالج بمحاكمات الإخوان والوزراء السابقين، أو نرتقى من البالوعة الثقافية والفكرية بأخبار دورات الأمن القومى للأئمة. حتى عنصر الترفيه والترويح عن النفس لا يتوفر فى الأخبار الرصينة. صحافة المواطن بقلمه وكاميرته وهاتفه المحمول تنقل واقعاً معيشاً هنا ينافس الواقع المعيش هناك، والله أعلم!

 

 

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الواقع غير المعيش الواقع غير المعيش



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon