توقيت القاهرة المحلي 19:08:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأحضان الدافئة

  مصر اليوم -

الأحضان الدافئة

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

أخشى أن يهرب البعض من الغلاء، وتضييق الخناق على الجيوب ومن ثم القلوب، بأول حضن متاح. وأحضان السلفية والجهادية والإخوانية وغيرهم من درجات الإرهاب السياسى الدينى، بمن في ذلك من يرتدون بدلات أنيقة ويتحدثون بعربية مفعمة بالإنجليزية ولا يرتادون سوى المجتمعات المغلقة- وفيرة وجاهزة. وهى ليست وفيرة وجاهزة فقط، لكنها تعمل وتكد وتسعى دون أن تمل أو تفقد الأمل، ولا تنتظر سوى اللحظة أو اللحظات المناسبة لمعاودة الانقضاض. وبينها من لن «يعاود» الانقضاض لأنه منقض بالفعل ومتغلغل بالحجة والبرهان.
وفى لحظات الأزمات والضوائق والمشقات، سواء كانت نفسية أو معيشية أو عاطفية أو اقتصادية، يرتمى المكلوم عند أول حضن يقابله. وما يعجل من هذا الارتماء ظهور من يحاول أن يكحلها فأفقدها بصرها وطعنها في قلبها واستخف بذكائها، ولو كان ذلك بحسن نية. ومع موجة الغلاء الشديدة الغليظة القاسية الأخيرة تواترت قفزات من يحمل ضمادات في ظاهرها تطهير الجرح وتخفيف الألم، فإذ بالضمادة مغموسة في حمض النيتريك أي ماء النار. فالتهب الجرح و«شعوط».

ربما تكون الشعوطة الأبرز هي تلك المتصلة بالدعوة إلى هجر الأورجانيك ووصل غير الأورجانيك مع قليل من البسطرمة. لكنها لم تكن الوحيدة. حاملو الضمادات كثيرون، لكن قليلين فقط مؤهلون لتخفيف الألم. وألف باء التخفيف تكمن في المعلومة وليس «الهرتلة»، وتعتمد على المصارحة دون تهويل أو تهوين، مع قدر غير قليل من «روشتات» واقعية حقيقية من المسؤولين لكيفية مجابهة موجة الغلاء الكبيرة الحالية بأقل أضرار ممكنة، والتى هي بالمناسبة لم تجرح القابعين في قاعدة الهرم الاقتصادى فقط، بل وجهت «بونية» شديدة إلى الطبقة المتوسطة المكلومة أصلًا، وهى الطبقة التي باتت تشترى (ثُمن) بسطرمة منذ سنوات ويبدو أنها ستكتفى بـ(عُشْر) لحين إشعار آخر.

وآخر ما يريد أن يسمعه المكلومون هو الاكتفاء بحقيقة لا جدال فيها ألا وهى أن ترابط وتشابك النظام الاقتصادى العالمى لم ولن يترك دولة واحدة على ظهر الأرض دون أن ينالها من الغلاء جانب أو جوانب. ورغم أنها أمر واقع، إلا أن الاكتفاء بالصولان والجولان حولها له آثار قاتلة. فمن جهة، تم استنفاد هذا العامل على مدار عقود طويلة على غرار قصة «الذئب الذئب» دون وجود الذئب أصلًا. لذلك حين جاء الذئب فعليًا كانت الصرخة التحذيرية قد فقدت جزءًا كبيرًا من مصداقيتها. ومن جهة أخرى، هناك الملايين من العارفين والمطلعين والمتأكدين من أن الموجة الحالية الناجمة من الحرب على أوكرانيا طالت بلدان الأرض، ولكنهم في حاجة ماسة إلى حلول تتعلق بهذا الجزء من الأرض الذي يعيشون فيه. التصريحات الرسمية المتمحورة حول مواجهة جشع التجار يجب أن تكون مصحوبة بترجمة على الأرض مرئية بالعين المجردة وتنعكس فعلًا في حياة الأسر. أحضان الإرهاب السياسى الدينى جاهزة ووثيرة، وهى آخر ما نحتاج إليه الآن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحضان الدافئة الأحضان الدافئة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon