توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«بى بى سى» قالوا عنا إيه؟!

  مصر اليوم -

«بى بى سى» قالوا عنا إيه

بقلم - أمينة خيري

هذه محاولة لفك تشابك وحلحلة أزمة وزحزحة جبال فكرية راسخة، والسطور التالية ليست دفاعاً عن هذا أو تبريراً لذاك، بقدر ما هى قراءة فى مشهد بالغ التعقد منذ عقود طويلة، وحقناً للأعصاب واتقاء لشرور الاتهامات التى تلقى جزافاً وتهبط على الرؤوس من حيث لا تحتسب، فإن ما قامت به «بى بى سى» وغيرها كثير من وسائل الإعلام الغربية من نشر وبث «وثائقى» عن «الاختفاء القسرى» و«التعذيب القهرى» و«العنف المادى والمعنوى» الذى بات معروفاً بـ«تقرير زبيدة» ليس إلا حلقة فى سلسلة طويلة من حلقات تدور رحاها منذ سنوات.

سنوات ما بعد ثورة يناير تظل سنوات كاشفة لواقع كنا نجهله، ومكتشفة لتوجهات لم تكن ظاهرة، وهذا الكشف ليس حكراً على وسائل إعلام أجنبية أو إقليمية أو حتى محلية، لكنه ينطبق على الجميع.

جميع ما يكتب عن مصر فى الخارج لا يمكن تصنيفه تحت بند «المؤامرة» أو «الخيانة» أو «العمالة»، لكن لا يجوز أيضاً افتراض حسن النية وارتقاء شأن المهنية وتغليب كفة الحيادية فى كل ما ينشر ويبث، وذلك لأسباب عدة، فنحن لا نعيش فى مجتمع مثالى، ولا تحكمنا قوى ملائكية هبطت علينا من السماء كتلك التى دأبت على الهبوط فى اعتصام رابعة مثلاً!! نعانى مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية عدة؟ نعم، ينتاب بعضنا ضيق وضجر من أساليب إدارة أزمات سياسية أو التعامل مع مظاهر معارضة بطريقة تفاقمها أو تفرد مجالاً للمتربصين بالصيد فى المياه العكرة؟ نعم! لكن هل ما نعيشه -حلوه بمره- يستحق موجات الهبد والرزع المنمقة المنسقة المباشر منها وغير المباشر التى تهب علينا بين الحين والآخر عبر وسائل إعلام غربية واسعة الانتشار وبالغة الأهمية؟ إجابتى هى: لا!

ولا يمكن أبداً إغفال غيبوبتنا الإعلامية التى طالت عقوداً والتى تلقى علينا ظلالها الوخيمة والتى استفحلت فى السنوات القليلة الماضية، فأسلوبنا «الشعبى» فى الخطاب الإعلامى، وثقافتنا الحنجورية فى الدفاع عن توجهنا ووجهة نظرنا، ودقنا العاطفى على أوتار الوطنية والأبوية والحنية وغيرها من السمات المتفردة لدينا غير مفهومة للآخرين. وهى غير مفهومة شكلاً وموضعاً.

بمعنى آخر، فإن أغنياتنا الوطنية مثلاً التى نطرب لها ونرقص على نغماتها حيناً، وتقشعر لها أبداننا أحياناً لا تعنى الكثير للقابعين على الجانب الآخر من العالم، خذ عندك مثلاً أغنية الصاعقة الرائعة التى انتشرت انتشاراً مذهلاً على مدار الأيام القليلة الماضية «قالوا إيه علينا»، أغلب الظن أن الغالبية المطلقة من المصريين -رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً- تقشعر أبدانهم كلما سمعوها، لكن تخيل معى لو تمت ترجمة الأغنية إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، هل ستنقل هذه المشاعر، سواء من قبل رجال الصاعقة أو تلك النابعة من قلوب ملايين المصريين، إلى المتلقى الغربى؟! المتلقى الغربى لا يفهم إلا لغته، والمقصود باللغة هنا ليس اللغة الأجنبية، لكنها اللغة والثقافة والعقلية والمنطق.

والمنطق العجيب الذى يجعلنا نعتقد أن يوماً ما سيفهم الآخرون وحدهم هكذا ما اختاره المصريون، وما يكابدونه من مشكلات ومعضلات هو ذاته المنطق الذى يجعل البعض يبادر إلى مواجهة ما يكتب عن مصر فى الإعلام الغربى بطريقة حنجورية أو عنترية بحتة.

«تقرير زبيدة» افتُضِح أمره لأن هناك فى مصر من تقصى الموضوع وتعامل معه بقدر كبير من السرعة والاحترافية، وذلك من مطالبة باعتذار أو إصدار بيان نفى أو ما شابه، لكن مقاطعة وسيلة إعلامية أو حجبها أو فرش الملاءات الإعلامية لها لن يجدى نفعاً، كما أن ترجمة ما نكتب ونقول من منطلق ثقافتنا وقناعاتنا ووطنيتنا لن يحقق المرجو، المرجو هو مخاطبة الغرب باللغة التى يفهمها.

نقلا عن الوطن القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بى بى سى» قالوا عنا إيه «بى بى سى» قالوا عنا إيه



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon